شقت الرشقات الرشاشة والصاروخية صمت الاستقرار الداخلي الهش في بيروت أمس الأول، فشهدت شوارع المدينة اشتباكات بين عناصر من «حزب الله» وجمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش)، ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص وجرح العشرات.

Ad

فجأة، ومن دون أي مؤشرات، وللمرة الأولى منذ أحداث 7 مايو 2008، قفز الوضع الأمني في الداخل اللبناني، إلى واجهة الاهتمام على مختلف المستويات الرسمية والأمنية والشعبية، بعد الاشتباكات المسلحة التي شهدتها مساء أمس الأول، مناطق برج أبي حيدر والنويري والبسطا الفوقا ورأس النبع حاصدة أربعة قتلى وعدداً من الجرحى.

وفي تفاصيل الاشتباكات التي اندلعت بين "حزب الله" و"جمعية المشاريع الإسلامية الخيرية" المعروفة بـ"الأحباش" في منطقة برج أبي حيدر، أن الشرارة الأولى انطلقت قبيل حلول الافطار، على إثر خلاف فردي بين أحد عناصر الحزب وآخر من أتباع "الأحباش" على خلفية ركن سيارة، ما لبث أن تدهور الوضع بشكل دراماتيكي إثر استقدام الطرفين تعزيزات عسكرية ساهمت في تطور الأمور إلى اشتباكات رشاشة وصاروخية.

وأسفرت الاشتباكات بين الحليفين سياسياً، عن مقتل ثلاثة عناصر من "حزب الله" عُرف منهم مسؤول الحزب في منطقة برج أبي حيدر محمد فواز وعنصر آخر من الحزب يدعى علي جواد، بالإضافة إلى مقتل شاب من مناصري "الأحباش" يدعى أحمد عميرات وإصابة أكثر من عشرة أشخاص آخرين بجروح تراوحت بين طفيفة ومتوسطة استدعت نقلهم إلى المستشفيات للمعالجة.

هذه الاشتباكات التي استمرت على مدى أكثر من ثلاث ساعات، لم يستطع الجيش اللبناني تطويقها على الفور بعدما تعرضت المحاولات الأولى لدخول وحداته المنطقة إلى نيران المتقاتلين. وقد بقي العجز الرسمي يتسيّد المشهد في ساحة المعركة إلى أن تمكنت الاتصالات الجارية على أكثر من مستوى من جمع مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا، والمسؤول في "جمعية المشاريع" بدر الطبش برعاية نائب مدير مخابرات الجيش العميد عباس إبراهيم. وتمخض عن الاجتماع بيان مشترك حرص على تظهير "الطابع الفردي" للاشتباك، والاتفاق على "محاصرته ومعالجة كل التداعيات الناجمة عنه"، في حين أفرج "حزب الله" عن عناصر الأحباش الذين اختطفهم أثناء المعركة، بحيث تسلمتهم قيادة "جمعية المشاريع" من الجيش اللبناني بعد انتهاء اجتماع صفا– طبش.

إلا أنه قرابة منتصف الليل عادت الاشتباكات المسلحة بين مقاتلي "حزب الله" و"الأحباش" على أكثر من محور في النويري والبسطا الفوقا ورأس النبع، استخدمت في خلالها الأسلحة الرشاشة والصاروخية، في حين أفادت المعلومات عن إحراق مسجد ومقار حزبية ومحلات تجارية.

سليمان

ودان رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس، الاشتباك المسلّح الذي حصل أمس الأول، مشدداً على "التزام الجميع عدم الاحتكام إلى السلاح مهما كان السبب"، ولافتاً إلى أنّ "أمن المواطنين هو فوق كل اعتبار".

ودعا سليمان "القوى والأجهزة المعنيّة إلى توقيف مسببي الإشكال"، محذّراً من "مغبة التوتير الأمني تحت أي ظرف أو حجّة"، مطالباً "الجيش والقوى الأمنيّة التصدي فوراً لأي محاولة من هذا النوع وقمعها".

وكان سليمان أجرى اتصالات مكثفة لوقف الاشتباكات، خصوصاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، علماً بأن "حركة أمل" التي يتزعمها بري، نفت أي علاقة لها بالاشتباكات.

وتلقى رئيس الجمهورية ليلاً اتصالاً من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مستفسراً عما حصل ومبدياً الاستعداد للمساعدة، فشكر له رئيس الجمهورية عاطفته واتصاله، وطمأنه إلى أنّ الأمور عادت إلى الهدوء وإلى طبيعتها.

إلى ذلك، اعتبرت الأمانة العامة لقوى "14 آذار" أن "الاشتباكات التي شهدتها منطقة برج أبي حيدر، وامتدت إلى مناطق وأحياء عدة من بيروت، وسقوط القتلى والجرحى، وإلحاق الأضرار الجسيمة بالممتلكات، وحالة الهلع التي أصابت اللبنانيين، دليل جديد على خطورة فوضى الميليشيات والسلاح المستشرية، وعلى أهمية التوصل إلى قرار وطني جامع يجعل من الدولة اللبنانية بمؤسساتها الدستورية والشرعية المرجعية الحصرية لامتلاك السلاح وتحريكه واستخدامه".

نصرالله

إلى ذلك، ضمّن أمين عام "حزب الله" السيّد حسن نصرالله إطلالته مساء أمس الأول، رداً غير مباشر على طلب مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بلمار بتأكيد أنه "غير معني بالتحقيق الدولي والمحكمة الدولية" في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وإذ كرّر مواقفه السابقة من عناوين "العمالة" و"شهود الزور" ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة التي وصفها بـ"المعادلة الذهبية" لحماية لبنان، أدخل أمين عام "حزب الله" عنوانين مستجدين على خطابه أمس، العناون الأول متصل بتسليح الجيش اللبناني، فأكد نصرالله أنّ مسألة "التبرّعات هي بالدرجة الأولى معنويّة وأخلاقيّة، ولا تستطيع تسليح الجيش"، مشيراً في المقابل إلى أنه سيتقدم عبر وزرائه بـ"تعهد رسمي أمام مجلس الوزراء بالعمل بقوّة حتى تقوم إيران بالمساعدة في تسليح الجيش اللبناني".

أما في العنوان الثاني الذي طرحه السيد نصرالله في ما خص موضوعي الكهرباء والمياه، فقد أكد أن التحركات الاحتجاجية الميدانية لا خلفيات سياسية لها ولا هي "بروفا" لإسقاط الحكومة "لأن المعارضة باتت تستطيع إسقاط الحكومة دون الحاجة إلى الشارع"، مطالباً في إطار حل أزمة الكهرباء في لبنان بالاقتداء بمفاعل "بوشهر" الإيراني والشروع في درس "خطة بناء مفاعل نووي سلمي لتوليد الطاقة الكهربائية في لبنان".

إيران

أعلنت طهران أمس، استعدادها للمساعدة في تسليح القوات المسلحة اللبنانية إذا ما تقدمت بيروت بطلب رسمي.

وقال وزير الدفاع أحمد وحيدي: "الأمة اللبنانية والجيش اللبناني أصدقاء لنا، وإذا تقدموا بطلب رسمي، فإننا سنكون على أتم استعداد للمساعدة والتعاون معهم كيفما أمكننا".

وقصد وحيدي بذلك الإشارة إلى تصريحات نصرالله، التي دعا فيها الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ قرار بتسليح الجيش اللبناني من إيران والدول العربية المجاورة، كما أعرب فيها عن استعداد الحزب للمساعدة في هذا المجال.