جرائم التعصب

نشر في 04-01-2011
آخر تحديث 04-01-2011 | 00:00
 علي البداح الجريمة النكراء التي قتلت وجرحت العشرات في الدقائق الأولى للعام الجديد، والتي ذهب ضحيتها إخوة من المسيحيين المصلين والمحتفلين بدخول العام الجديد، هي نتيجة للتعصب الأعمى ومحاولة لجر الناس إلى الاقتتال وتخريب وطنهم.

لا يمكن أن يقبل إنسان مهما كان دينه أو مذهبه بأذية إنسان آخر إلا إذا كان مجرما مأجورا أو مجنونا أو عميلا لجهات تعمل على شق الصفوف وتخريب الأوطان، ولا يمكن أن يقبل إنسان له ضمير أو حس إنساني أو فهم صحيح للدين أن يؤذي مخلوقا زرع الباري عز وجل فيه الروح ليعيش على هذه الأرض... هذا كفر بالله وتطاول على خلقه واستكبار على إرادته.

إن التعصب متى ما تفشى في مجتمع فإنه سيؤدي به إلى الكوارث، ولذلك لابد أن نعي وننبذ كل أفكار التطرف الطائفي والقبلي، وننتبه إلى أطروحات ومسارات هذه التوجهات ونقف لها بالمرصاد، وليت كل الدعاة لكل الأطراف يدركون سوء بضاعة التطرف ويلغون خطابهم المتشدد والرافض للرأي الآخر، فالوطن العربي مهدد من أقصاه إلى أقصاه بمؤامرة كبرى لا يفعل معدوها إلا الإشارة بأحقية هذا أو ذاك، ويتركون للمجانين والطامعين والمستفيدين مهمة تنفيذها.

إن خريطة الشرق الأوسط الجديد أو الكبير التي نشرت قبل فترة قصد منها أن يحدث ما يحدث الآن في أرجاء كثيرة من وطننا العربي، وللأسف الشديد فإن المنفذين يقومون بالدور من دون وعي أو إدراك إلى ما سيقود إليه خطابهم المتشدد والرافض لمن يخالفهم المذهب أو العرق.

إن جريمة الإسكندرية هي نتاج لهذا الشحن أو هي وسيلة لزيادة الشحن وزيادة حالات التعصب، ولذلك لابد من الوعي والانتباه والرد بسرعة على كل متحدث لإثارة الفتنة ورفض أي أطروحات تدعو للفتنة، ولابد أن نعي أن سيطرة الأحزاب الدينية واستيلاءها على المنابر وتدمير حياة الفرح عند الناس لن ينتج عنه إلا خلق جيل كاره وحاقد يرى كل مبتسم عدوا له يستحق الموت أو الطرد.

نحن في الكويت بحاجة للانتباه أكثر من غيرنا، وعلى الحكومة ومجلس الأمة أن يوقفا كل مظاهر التطرف، ويوقفا هذا السيل من الدعوات المجرمة ضد الغير وإثارة العصبية القبلية والطائفية، وعلى الحكومة والمجلس أن يوقفا أي قانون يؤسس ظواهر للتعصب.

لقد تحول وطننا إلى مكان كئيب يختلف فيه الناس على كل شيء بسبب هذا الفرز الطائفي والقبلي، وعلى الحكومة والمجلس حفظ الكويت بعيدا عن المكتسبات الآنية التي يحققها تغاضي كل طرف عن أخطاء وتجاوزات الطرف الآخر.

الكويت أمانة في أعناقنا كلنا، وعلى الناس أن تعي وتنبذ أي متعصب مهما كان أسلوب طرحه وحلاوة حديثه. رحم الله شهداء التعصب في الإسكندرية، وحمى الله وطننا العربي من كل شر.

back to top