استسهل كُتاب الدراما الكويتية طريق سلق أعمالهم واتبعوا سُنة غير حميدة تتكرر كل عام، وصبوا جهدهم الكثير وإبداعهم الضئيل في مشاريع رمضانية مكسبة ومغرية وجدت من يتبناها وينفق عليها، فخرجت علينا أعمال تتخذ من كل ما هو سلبي في المجتمع ومثير للشفقة ومدر للدموع سبيلاً للكتابة التلفزيونية الجديدة.

Ad

لا أعرف حتى الآن إذا ما كان يدرك كتاب الدراما الجديدة أنهم خلفاء لجيل سبقهم إلى الكتابة والإبداع الدرامي، وهل يضعون نصب أعينهم مرجعاً درامياً هو أعمال كتاب سبقوهم وتركوا بصمة واضحة على خريطة الدراما الخليجية والعربية، "درب الزلق" و"الأقدار"، وغيرهما الكثير من أعمال الدراما الكويتية التي بسطت حضورها وأثبتت تفوقها الكتابي والفني، وهي ليست إرثاً هشاً لكي يعبث به الصبية والطارئون على الكتابة.

ما تركه فنانو الكويت منذ بداية الحياة التلفزيونية حتى بداية انهيارها وابتعاد كبارها عن المساهمة في احتضارها ورحيل بعضهم هو ما يجب المحافظة عليه والاهتمام به والوفاء له. وفي عصر التقنيات الإخراجية والوفرة الإنتاجية وأعداد الممثلين والممثلات لا حجة للكاتب التلفزيوني وهو يمضي عاماً كاملاً في الإعداد لعمله الرمضاني، بأن يقدم لنا حشواً فارغاً من قصص عائلية تافهة تتخللها دموع تصيبنا بالبؤس، فلا قصة لها حبكتها ولا يوجد سيناريو جاد ولا حوار هادف. ونحن هنا لا نطالب بأفكار خارقة وإبداع أخاذ بل نطالب باحترام عقولنا وعقول الناس البسطاء، نطالب بأن نخرج من القصور الفارهة والشاليهات والسيارات الباهظة الثمن وأغلب الشعب محدود الدخل تنهشه سياسة الاستهلاك والاقتراض المبالغ فيهما.

لا أفرق هنا بين النص المكتوب للقراءة سواء كان قصة قصيرة أو رواية وبين النص الدرامي سواء كان فيلماً أو مسلسلاً، فالكتابة هي الكتابة والحرص على إخراجها بشكل يليق باسم الكاتب الذي يحرص على وضع اسمه إلى جانب عنوان عمله هو همّ الكاتب الأول. بل إن كثيراً من الأعمال كان اسم كاتبها دليلاً على إبداعها وإتقانها كأعمال الراحل أسامة أنور عكاشة، أو أعمال الدكتور وليد سيف صاحب التغريبة وصقر قريش، وأعتبر الأخير أفضل من يكتب حواراً درامياً في الدراما العربية.

ما يقدمه اليوم "كتابنا"، ولن أعتذر عن القوسين، هو استمرار في الانحدار واستسهال كتابي سيدخل لنا مجاميع أخرى تظن أن لها ذات المقدرة على سطر حوادث الخيانات واستدرار دموع العجائز والأمهات وهي محقة في اعتقادها. ورغم أن هؤلاء الكتبة يرون نجاحهم في ما تسطره الصفحات الفنية عن مسلسلاتهم فإنهم يعلمون أن ما يقدمونه ليس له وزن في المعيار الكتابي. والحل الوحيد للحد من هذه الموجة هو تقييم تلك الأعمال في ندوات تلفزيونية يقوم عليها نقاد وكتاب وفنانون كبار ليعرف هؤلاء من هم.

أعتذر هنا عن تفاؤلي الذي كتبته حول مسلسل هبة حمادة "زوارة خميس"، والذي ترهل وفقدت الكاتبة سيطرتها عليه وهو ما كنت أشرت إليه. فيبدو أن العمل فقد بسرعة تماسكه وانضم بكل سهولة إلى الأعمال الانفعالية التي بنيت على الدموع والخيانات، ومرة أخرى أقول ليتها اكتفت بالحلقة الأخرى. إذا تساءل القارئ من هم الكتاب الذين أقصدهم هنا وأنا أعرف أنه يعرفهم فسأقول خذوا نايف الراشد وحمد بدر مثالين.