دول الخليج والإصلاحات الديمقراطية المستحقة

نشر في 21-03-2011
آخر تحديث 21-03-2011 | 00:00
 د. بدر الديحاني إن بروز الطرح الطائفي البغيض بقوة في منطقتنا هذه الأيام على إثر المطالبات الشعبية الديمقراطية المشروعة التي برزت في دولنا الخليجية، وبالذات في مملكة البحرين الشقيقة، يدل دلالة واضحة على حاجة دولنا إلى إصلاحات سياسية ديمقراطية حقيقية جذرية وسريعة، تؤدي إلى استقرار مجتمعاتنا وتطورها، وتنهي حالات التجاذب الطائفي البغيض.

أثبت تاريخ البشرية أن أنظمة الحكم الديمقراطية التي يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات هي الحل الأمثل للمشاكل الإثنية والطائفية والعرقية والدينية، فضلاً عن أن تلك الأنظمة هي الجديرة فعلياً بتوفير الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

والأمثلة على ذلك عديدة سواء في الهند أو الولايات المتحدة الأميركية أو في التجربة الحديثة للاتحاد الأوروبي الذي جعل مبدأ المواطنة الدستورية هو أساس الحقوق والواجبات للتجمع البشري الضخم الممتد على طول القارة الأوروبية وعرضها، والذي يشمل دولاً مختلفة في تكويناتها البشرية وفي تنوعها الحضاري والثقافي، إذ تتعدد الثقافات وتتنوع اللغات واللهجات والأصول والأعراق والعقائد والمذاهب والديانات ليس بين دول الاتحاد فحسب، بل في كل دولة من دوله على حدة.

بالطبع إن هذا لا ينفي أن هناك في دول الاتحاد الأوروبي أو حتى في الهند حركات أو تجمعات سياسية متطرفة ذات طابع ديني أو عرقي أو عنصري، لكنها تبقى استثناءات تثبت القاعدة العامة ولا تنفيها، وهي حركات سياسية معزولة يحظرها القانون، ولا قيمة فعلية لها على أرض الواقع، بل إنها تضعف وتتلاشى في الغالب مع مرور الزمن لأن البيئة الديمقراطية التي يوفرها النظام العام لا ترعاها أو تشجعها على النمو والازدهار، بل على العكس فإنها تعمل على محاربتها والقضاء عليها، فالإنسان في هذه الدول يعامل ليس باعتباره منتمياً إلى طائفة أو قبيلة أو دين أو منطقة معينة، بل باعتباره مواطناً فقط له حقوق معينة يجب على الدولة ضمانها وحمايتها.

من هنا فإن بروز الطرح الطائفي البغيض بقوة في منطقتنا هذه الأيام على أثر المطالبات الشعبية الديمقراطية المشروعة التي برزت في دولنا الخليجية وبالذات في مملكة البحرين الشقيقة يدل دلالة واضحة على حاجة دولنا إلى إصلاحات سياسية ديمقراطية حقيقية جذرية وسريعة تؤدي إلى استقرار مجتمعاتنا وتطورها وتنهي حالات التجاذب الطائفي البغيض الذي وفرت له حكوماتنا خلال العقود الأربعة الماضية البيئة المناسبة للنمو وقامت برعاية بعض مروجيه لكي يتسيدوا المشهد السياسي العام، وهي إصلاحات سياسية مستحقة تطالب بها القوى الوطنية الديمقراطية في المنطقة منذ عقود طويلة.

وفي هذا السياق، فإنه من المفترض ألا يعمينا الغبار الطائفي الكثيف والكريه المثار حالياً من قبل القوى المتطرفة والمتخلفة سواء المحلية أو الإقليمية، عن رؤية المطالب الديمقراطية المشروعة التي تطرحها شعوب المنطقة كافة، والتي لم تكن وليدة اللحظة، بل إن القوى الوطنية الديمقراطية الحيّة تطرحها ولاتزال منذ عقود طويلة، فهي تبقى مطالب ديمقراطية مستحقة بل وملحة لن ينفع القمع في إخفائها أو إنهائها، ولن يفيد الغبار الطائفي الكثيف والكريه في حجب الرؤية عنها، إذ لا مفر من فتح حوار سياسي ديمقراطي عام وحقيقي حولها يمهد الطريق لقيام دول مدنية ديمقراطية دستورية حديثة يتساوى فيها المواطنون جميعاً في الحقوق والواجبات كافة.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top