تنازلات دون مقابل


نشر في 16-02-2011
آخر تحديث 16-02-2011 | 00:01
 أحمد عيسى التنازلات التي قدمتها الحكومة خلال الأسبوعين الماضي والجاري كثيرة، دون أن توضح ماذا تريد مقابلها، فمن غير المعقول أن تتنازل الحكومة طواعية عن صلاحياتها فجأة دون مقابل.

يبدو بحسب التوقع أن التنازلات الأخيرة جزء من توجه جديد للحكومة، وربما يخدمه تغيير لخطة التعاطي السياسي، أو تغيير للمستشارين والعمل بروح جديدة، لكن مشكلة الحكومة ليست في الخطة أو المستشارين، بل بكونها تحاول جاهدة إقناعنا بأنها تسير على منهج وخطة فيما هي بعيدة عن ذلك كثيرا.

إن ما يثير الاستغراب ليس ما يبدو تراجعا أو تنازلا، بل توقيته وأسبابه، فهناك من يرده إلى قرب إجراء تعديل حكومي، ومن يعتبره استحقاقا لتخفيف الضغط على الرئيس بعد ارتفاع عدد معارضيه داخل المجلس، لكن السؤال المستحق: إذا كانت الحكومة تمد اليوم يدها للتعاون مع مجلس الأمة فلماذا سحبتها طوال الفترة السابقة؟!

السوابق الحكومية بالتراجع وتغيير المسار كثيرة، وتسببت أحيانا في حوادث سياسية: من الدوائر الانتخابية إلى زيادة الرواتب مرورا بمواجهة الاستجوابات وأخيرا بتعاملها مع وسائل الإعلام، فالحكومة التي قدمت للمحكمة الدستورية طلبا لتفسير بعض مواد الدستور بغرض تبيان مهام رئيس الوزراء ومسؤولياته لإبطال أي استجواب يقدم للرئيس مستقبلا، هي ذات الحكومة التي سحبت الطلب «وستنظر في معالجة أوجه الاختلاف بين السلطتين حول تفسير بعض المواد وفق الأطر المتعارف عليها، ومن خلال قنوات التنسيق والحوار لإزالة أي لبس أو سوء فهم حول المواد التي تضمنها طلب التفسير» كما جاء على لسان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء مطلع الأسبوع، مع العلم أنها سعت في أكثر من مرة إلى تعطيل عقد الجلسات.

والحكومة التي كلفت وزارة الإعلام سحب كل القضايا المرفوعة ضد وسائل الإعلام، هي نفس الحكومة التي كانت تحول إلى النيابة العامة عند كل أزمة سياسية مجموعة وسائل إعلام بداعي الحفاظ على الوحدة الوطنية، وهي التي كانت تردد دائما «اتخاذها التدابير اللازمة لتفعيل القوانين وتحريك الدعوى الجزائية وإحالة المخالفين على النيابة العامة وفقا للأحكام التي تضمنها قانون الجزاء وقانون المطبوعات وقانون المرئي والمسموع» كما قال الوزير الروضان أمام مجلس الأمة لاحتواء تداعيات تجمع العقيلة في ديسمبر 2009.

وانطلاقا من هذه الروح الحكومية الجديدة بالتعامل مع الإعلام لم نعرف ما هو موقف الحكومة من التعديلات المنتظرة على قانون المطبوعات، بعد أن أعلنت مرارا عزمها تقديم تعديلاتها على قانوني المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع للبرلمان، والتي ستتجه إلى تغليظ العقوبات وزيادة الغرامات المالية التي اعتبرها وزير الإعلام مجرد «سلطة» تسبق التعديلات الفعلية على القانون.

على الهامش:

بعيدا عن المزايدات، فمن شروط الحصول على جائزة نوبل للسلام أن تختار المرشحين لنيلها هيئة يعينها البرلمان النرويجي وليس عن طريق لجان شعبية وحشد إعلامي.

back to top