شخصية «التويتر» خلال الأيام الثلاثة الماضية هو رجل الأعمال الذي وصف الوجود العسكري السعودي في البحرين «بالاجتياح»، وأغلبية المغردين، وبأسمائهم الصريحة المرفقة مع الصورة الشخصية، صبوا جام غضبهم على ذلك الشخص الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء، وما بين كل تغريدة وتغريدة، تغريدات تهاجمه بصور مختلفة.
ولعل ما جعل الأمور تصل إلى درجة الصراحة المفرطة هو تقرير قناة العربية الذي تساوت فيه حدة المباشرة مع ما كتب في المدونات الكويتية في السنوات الأخيرة عن نفس الشخص، وبنظرة إعلامية فاحصة من يصدق أن تقريرا لا يحمل وزنا إخباريا يتم حشره بين أخبار ثورتي ليبيا واليمن والتدخل العسكري الغربي ضد قوات القذافي؟ لقد عبرت الرياض عن امتعاضها من «الضربة» الإعلامية المحسوبة على الكويت بطريقتها الخاصة.إن الكلفة السياسية التي بات يمثلها رجل الأعمال على الحكومة عالية جدا وتتعدى مستويات التلوث المقبولة، وهذا التقييم لا يحمل في بواطنه نصيحة بضرورة فك الارتباط مع رجل الأعمال حفاظا على بقاء الحكومة، فهذه المسألة حسمت منذ وقت طويل ولم يتبق سوى محاولة التعديل الوزاري الموسع والإقدام على المزيد من خطوات التهدئة الصادقة... ولكن تأتي أهمية فك الارتباط لتلبية مطلبين رئيسين: الأول تخفيف حدة الاحتقان السياسي والطائفي داخل الكويت بسبب تنامي «ادعاءات» رجل الأعمال بأنه صوت الطائفة الشيعية في الكويت، وهو الوضع الذي أثار امتعاض الكثير من أبنائها من ناحية، وأثار عليهم المتطرفين من ناحية أخرى، ولولا أن النواب الشيعة الأكثر تأثيرا في أبناء الطائفة قد دخلوا في حلف طويل مع الحكومة لما صمتوا عن تمثيلية رجل الأعمال. المطلب الثاني، وهو لا يقل خطورة عن الأول، يتعلق بعلاقات الكويت مع السعودية والبحرين التي نعتقد أنها مازالت في أفضل حالاتها، ولكن بسبب سخونة الأحداث في البحرين وطبيعة تلاحم المنظومة الأمنية الخليجية لم يكن مقبولا بأي حال من الأحوال صدور أي «شوشرة» إعلامية، قد توحي بأن الكويت تغرد خارج السرب.لقد لعبت الرعاية الحكومية والتمويل لبعض وسائل الإعلام المصطنعان دورا كبيرا في إشعال الفتن الطائفية والقبلية بصورة غير مسبوقة، ولم تعد تلك الأمور خافية أو يمكن الدفاع عنها سوى من قبل العاملين فيها والمستفيدين منها، وبوجود قوى طائفية لا تعرف العيش سوى في أجواء الشحن الطائفي، ولا تقدر معنى المسؤولية الوطنية، فقد وصلت الأمور إلى مرحلة الشتم العلني لمراجع دينية معتبرة من كلا الطائفتين من قبل الكبار والسفهاء على حد سواء.إن الكويت تدفع يوميا فاتورة بقاء النهج الحكومي المدمر في كيانها وأساساتها على حاله دون تغيير مستحق أو تطور ملموس نتيجة تحالف ذلك النهج مع الأطراف «الأرخص» في كل المجالات، وهو ما أفقد الحكومة السند المدافع عنها بناء على القناعة لا على شيء آخر، ولعل غياب دور قوى الاستنارة وتراجعها الكبير بسبب الخلافات الصغيرة والتشبث في الصدارة الوهمية والمصالح الضيقة، لعبا دورا خطيرا في اختفاء الطرح الوطني العلني الهادئ في المجتمع الذي باتت قواعد الحوار فيه تقوم على الصراخ الشديد والتخوين السريع والتسامح البطيء مع الآخر. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
الأغلبية الصامتة: الاجتياح
24-03-2011