يلتقي المنتخبان السعودي والكويتي الليلة في نهائي كأس الخليج وسط أفضلية زرقاء باعتبار أن الأزرق قدم حتى الآن عروضا هي الأفضل في البطولة، بعكس شقيقه الأخضر الذي كافح بتشكيلته الرديفة حتى وصل إلى النهائي دون أن يقدم مستويات مقنعة ترضي جماهيره، في كل الأحوال لو حصل الأزرق على الكأس فإنه سيزرع الفرحة في قلوب جماهيره التي تنتظر إنجازا كرويا منذ سنوات طويلة، ولكنه رغم ذلك صاحب الرقم القياسي في الحصول على اللقب الخليجي ولا يمكن أن يشكل حصوله على اللقب الرابع نقلة نوعية إلا إذا اعتبرنا محافظته على الموقع الذي كان يتبوؤه منذ مطلع السبعينيات نقلة نوعية، وكذلك الحال بالنسبة للأخضر ففوزه بهذه البطولة سوف يشكل مفاجأة لجماهيره لأن الرديف حينها سيكون قد حقق ما عجز عنه المنتخب الأول في النسخة السابقة حين خسر في المباراة النهائية بركلات الترجيح، ولكن هذا الفوز أيضا لا يعني نقلة نوعية لأن التشكيلة الرديفة لم تعتمد كثيرا على الأسماء الشابة بقدر ما اعتمدت على لاعبين محترفين في منتصف مشوارهم الكروي كان بإمكانهم تقديم مستويات فنية أفضل من المستويات التي قدموها، بغض النظر عن إنجازهم المتمثل في الوصول إلى المباراة النهائية.
النقلة النوعية الفعلية تحققت على يد الأشقاء القطريين الذين فازوا بشرف تنظيم مونديال 2022، فهذا الإنجاز الرياضي الذي حققته دولة صغيرة من حيث المساحة وعدد السكان وكبيرة من حيث الطموحات والتطلعات هو مفخرة للعرب جميعا وأهل الخليج على نحو خاص، وكل من تابع عرض ملف الترشيح القطري يدرك أن الأشقاء القطريين لم يحضروا المنافسة العالمية الكبرى معتمدين على أموالهم فقط بل جاؤوا برؤيتهم الإنسانية المتحضرة، حيث رفعوا شعارات السلام والتسامح والانفتاح، مؤكدين أن هذه المنطقة المضطربة من العالم (الشرق الأوسط) تستحق أن تقول كلمتها، وأن كرة القدم يمكن أن تصلح ما دمرته حاملات الطائرات. بالتأكيد تملك السعودية والكويت لاعبين أفضل– نوعا ما– من لاعبي قطر بدليل وصول الفريقين إلى المباراة النهائية في كأس الخليج وخروج المنتخب القطري من الدور الأول، ولكن قطر تتفوق عليهما بإدارييها الذين يعملون ليل نهار من أجل أن تكون لبلادهم مكانتها الرياضية العالمية البارزة، معتمدين على دعم سياسي كبير، وعلى رؤية منفتحة لا ترى بأسا في الاستفادة من الخبرات الإدارية الدولية للمساهمة في وصول قطر إلى أهدافها البعيدة. ولكي لا نقع ضحية للأوهام فإن علينا أن ندرك أن المسألة لا تتعلق بالأموال فقط فكل الخليجيين يملكون المال وهم لا يترددون في إنفاقه دون حساب على كرة القدم، كما أن المسألة لا تتعلق بالدعم السياسي فكل القيادات السياسية في الخليج تدعم الرياضة، ولكن السر القطري يكمن في أن القطريين اليوم أصبحوا قادرين على مخاطبة العالم باللغة التي يحبها ويقدرها، وإذا كان ثمة بلد عربي استطاع أن يدرك تحولات عصر العولمة ويحل ألغازها المعقدة فهو بلا شك قطر. هذه هي الحقيقة فقد أدرك القطريون مبكرا أن مقاييس العولمة لا تعتمد على المساحة وعدد السكان بقدر ما تعتمد الانفتاح والتأثير الإعلامي وتوظيف الأموال بالشكل الصحيح من أجل خدمة الأهداف السياسية الطموحة، لذلك لم يفوتوا الفرصة كي يمنحوا بلدهم مساحتها اللامعة في خرائط العولمة. وأخيرا نقول مبروك للفائز بكأس الخليج الليلة وهاردلك للخاسر... وهنيئا لقطر التي تراهن دائما على المستقبل وتترك لنا اجترار صور الماضي الجميل. * كاتب سعودي كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
نهائي الخليج ومونديال قطر!
05-12-2010