آخر وطن: أنثى لا تشيخ!


نشر في 31-12-2010
آخر تحديث 31-12-2010 | 00:01
 مسفر الدوسري على مشارف السنة الجديدة،

تُولدين أنتِ من جديد!

تعود حقولك بكرا من جديد

وبكارة روحك،

وطُهرك، وبراءة عينيك، ونعومة كفيك، ونضارة صوتك

سرّك المقدس أنك تُولدين في كل مناسبة من جديد

الأيام غير قادرة على سرقة شيء من توهجك

ولا من سناء نجومك

وعاجزة عن مد يدها خفية لقضم قطعة من شموسك،

يلبس الزمن بعضا من أعمار الناس ثم يرميها أسمالا مهترئة على رصيف السنين، ويفعل ذلك بهم مرارا وتكرارا إلى أن يُفنيهم،

بينما أنتِ تصنعين من نسيج الزمن رداءً تتّقين به عوامل التعرية، ثم تخلعينه متى ما أردتِ، لتظهري محتفظة بأنوثتك الطاغية وجمالك، ودفء جسدك، ولمعان أظافرك، واكتناز شفتيك، وبريق حدقتيك، وحدائق قلبك،

في كل سنة تمر... أرقبك...

أرصد نبضك،

أمعن النظر في ملامح روحك، لعل خطّاً من التجاعيد وُلد فيها

أسافر في سهولك الشاسعة مشيا على الأقدام، أختبرها شبرا شبرا، لعل شيئا من الجفاف بدأ يتسرب إليها.

أفتّش في جدائل فرحك خصلة خصلة، إذ ربما أناخ الشيب راحلته في إحداها.

في كل سنة تمر...

أعمل جردا لسنابل ألقك، لربما نقصت حبة من قمح

أحصي جرار العسل المخبأ في رضابك،

وأجمع الفراشات التي اعتادت ارتياد شفتيك لأعدّها وأتفحصها لربما فقدت إحداها شيئا من ألوان أجنحتها،

أعدّ السمك الملوّن في «أكواريوم» ضحكتك،

أختبر صفاء موسيقاها،

أتجوّل في دوحة حنانك، لأرى إن كانت إحدى أشجارك فقدت شيئا من ظلها، أو أن إحدى حمائمها قد سقط هديلها سهوا من حنجرتها، أو أن هناك مكانا شاغرا لقطرة ندى نسيت أن تتبلور في إحدى صباحاتك البهيّة،

في كل سنة جديدة أجد لا شيء فيك تغيّر!

أنتِ كما أنتِ في أول السنة... وكأنما وُلدت من جديد...

تحتفظين برائحة جسدك الفاتنة طوال العام،

ونفس اللين لقامتك،

وخضرة غصنك،

وزعفران حديثك الشهيّ،

وماء الورد المنسكب من خطوتك،

لا شيء يتغير فيك مع كل سنة تمرّ

لا ِشيء يُفقد،

في كل سنة جديدة... أحمل بطاقة تهنئة أختارها بنفسي، وأكتب كلاما أبتكره لك لعله يخفف ما قد يخلّفه مرور سنة من أثر، وعندما أراك أخجل من نفسي، وأخبّئ البطاقة.

إنني أحتفظ الآن بالعديد من البطاقات كان من المفترض أن أهديها لكِ خلال سنوات مضت!

طوال سنوات وأنا أكتفي فقط بتقديم باقات الورد، وتعليق بسيط:

لا أهديها لك، وإنما أهديك لها... لتخلُد!

المدهش أنك لا تملكين القدرة فقط على أن تُولدي من جديد، وإنما تمتد قدرتك لتصل إلى مشاعري التي تُولد على يديك في كل مرة من جديد،

لطالما جعلت قلبي يشعر أنني أحبك لأول مرة،

وأنني أتذوق حلوى يديك لأول مرة،

وكم ذهبت لموعدك وكأنما لم ألتقيك من قبل، أسابق لهفتي عليك،

وعندما تأتين أتأمل عينيك، تسريحة شعرك، خطوط كفيك، طريقتك في الجلوس، وفي الحديث، وفي المشي،

أتأمل كل تفاصيلك الصغيرة وكأنما لأول مرة أعيشها!

ها أنتِ على مشارف السنة الجديدة تولدين من جديد، وها أنا أحبك لأول مرة من جديد.

back to top