الجمل لا يقترح القوانين

نشر في 06-02-2011
آخر تحديث 06-02-2011 | 00:00
 مظفّر عبدالله لو قدر للجمل أن يعيش في مجتمعات تقدر العلم لربما كانت شهرته اليوم أكبر بكثير، ولربما أنه دخل بوابة السياسة كشعار فقط لحزب مؤثر كما هي الحال بالنسبة للفيل والحصان والنسر في العالم الغربي... ولكان بطلاً لملفات «ناشيونال جيوغرافيك» ومادة للمراكز الطبية والعلمية.

أول العمود: أصعب فعل على الإنسان غض البصر.

***

قيل في الجمل الكثير من الشعر والوصف والسرد لأنه جاور العرب «أمة الصوت والكلام»، لكن في وقتنا الحاضر وهو وقت العلم والتكنولوجيا وفتوحاتها لم يحظَ هذا الكائن المذهل باهتمامنا كما اهتم به العرب الأسلاف فخراً وشعراً، فرغم كونه يعبر عن «دمغة» للعرب في الغرب فإن لحومه وحليبه الذي يضرب فيه المثل لعلاج أمراض الإنسان لا نراها بشكل تجاري كما هي منتجات الأبقار والخراف، ففي الكويت يهيم على وجهه في الصحراء ولا يجد ما يأكله سوى أكياس اتحاد الجمعيات التعاونية، ومخلفات مرتادي البر... إذن العرب متخلفون علمياً في هذا الجانب، عدا أن الكثير من المعلومات المذهلة التي اكتشفها علماء غرب وعرب موجودة في الأدراج!

تلك إهانه للجمل، الذي وصفه الله في القرآن بأوصاف تعكس قدره، وفي منطقة الخليج حيث انحسر الشعر في الغزل والاعتداد بالنفس، طال الجمل شيئ منه عبر مسابقات «مزايين الإبل»، لكننا أخطأنا تقديره بمعاملته كامرأة! ولو تكلم لرفض أن يوضع في مثل هذا الموقف لكونه «أبضاي» الصحراء الذي ينضح خشونة.

في «ميدان التحرير» بمصر أهين الجمل واغتصب على عمل لا يريده: القتل والدهس، وتم فضحه وفضحنا على شاشات القنوات العالمية بشكل لا يرضيه ولا يرضي شباب «التويتر» و»الفيسبوك»، لكنه لا يستطيع أن يتكلم أو يحمل «يافطة»، ربما لأن العمل السياسي واقتراح القوانين يخص «بني آدم... بس».

وأرجو من أخينا الجمل أن يعذرنا على إهانته، فعلاقة العربي بالحيوانات علاقة نفعية يتولد التعلق بها من خلال ما تجلبه من منافع، وهو لا يرحمها إن توقفت عن ذلك، لذا اخترع الإنسان فكرة رصاصة الرحمة للحصان، رغم كونه كائناً يستحق لبس «الكرفتة» بعد تقدمه في السن.

الثورات قادمة في بلدان عربية أخرى وما نتمناه ترك الخيول والجمال والحمير في حالها وعدم استخدامها لفض تجمهر الجياع والسياسيين، والأخير تحديداً- الحمار- مطلوب الدفاع عنه بقوة، وعدم زجه في المعترك السياسي لأنه وديع وابن حلال.

كلمة أخيرة: لو قدر للجمل أن يعيش في مجتمعات تقدر العلم لربما كانت شهرته اليوم أكبر بكثير، ولربما أنه دخل بوابة السياسة كشعار فقط لحزب مؤثر كما هي الحال بالنسبة للفيل والحصان والنسر في العالم الغربي... ولكان بطلاً لملفات «ناشيونال جيوغرافيك» ومادة للمراكز الطبية والعلمية.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top