هل هي محض مصادفة أن يبدأ القصف الجوي الغربي للقذافي في نفس اليوم الذي بدأت فيه الحرب الأميركية على صدام حسين قبل ثماني سنوات؟

Ad

لقد دفع ذلك التزامن المثير للانتباه أن يصبح موضوع احتمال تكرار المشهد العراقي في ليبيا أكثر موضوع تناولته الصحافة الأميركية والحوارات هناك دون منافس.

فهل هناك تشابه أصلاً وهل هناك احتمال أن تصبح ليبيا عراقاً ثانياً؟ الإجابة هي بالطبع بالنفي، ولكن الهاجس الضاغط على الرئيس الأميركي أوباما بلغ حداً لا يوصف، خاصة في مرحلتنا الحالية التي بدئ فيها بحملة إعادة انتخابه لدورة رئاسية ثانية، يضاف إلى ذلك طبيعة أوباما المترددة في اتخاذ القرار وبالذات ارتباط تلك الحرب بتكاليف مادية لا يحتاجها أوباما في هذه اللحظة التاريخية المعقدة. بلغت حصة أميركا في تكلفة الحرب على ليبيا حتى 28 مارس الماضي 550 مليون دولار، أي بواقع 55 مليون دولار يومياً، ومع دخول حلف الناتو وتراجع دور أميركا فإنه من المتوقع أن تصبح 40 مليون دولار خلال الأسابيع الثلاثة التالية، أي أقل من مليوني دولار يومياً، ومع ذلك فإن أوباما يدفع نحو تخفيض التزامات أميركا المالية. أما إن تم اتخاذ قرار لإسقاط القذافي بالقوة فإن تلك التكاليف ستكون بالتأكيد أكبر بكثير، بالإضافة إلى المخاطرة السياسية التي قد تزداد تعقيداً.

أما بالنسبة للعراق فتفيد تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس بأن الالتزامات المالية الأميركية هناك لسنة 2008 كانت قد زادت عن 140 مليار دولار، أي بواقع 383 مليون دولار يومياً، كما بلغت الميزانية المعتمدة لأفغانستان للسنة الحالية 110 مليارات، أي 300 مليون دولار يومياً.

وفي الإجمالي دون حساب دخول ليبيا على الخط فإن المتوقع أن تنفق البنتاغون هذه السنة بين العراق وأفغانستان ما قيمته 712 ملياراً، حيث تشير «إن إس بي سي» إلى أن ذلك يمثل حوالي 19 في المئة من الإنفاق الفدرالي، أي 1.95 مليار يومياً. بالطبع هذه هي الكلفة المالية فقط، دع عنك تعقيدات المشهد السياسي واحتمالات حدوث ما هو غير متوقع في مسارات الحدث.

فباستثناء أن بداية الضربة «المعمرية» تمت في ذات يوم الضربة «الصدامية» وأنهما متشابهان في «الدكترة» (من الدكتاتورية)، فإن مسار ليبيا لن يكون مسار العراق، ولذلك حديث قد يستلزم العودة إليه لاحقاً، فالاختلافات الظاهرة والباطنة كثيرة، منها أن الثورة الليبية قد تتعثر والأيام قد تطول، وربما تكون التكاليف أكثر مما كان متوقعاً.