الشواية

نشر في 19-01-2011
آخر تحديث 19-01-2011 | 00:01
 أحمد عيسى على الدولة اليوم مسؤولية مفترضة لإعادة ثقة الناس، فتعذيب المتهمين لانتزاع اعترافاتهم أو ابتزازهم أو استخدام القوة المفرطة أمور غير مقبولة إنسانياً، وهناك أيضاً دور مفترض على مؤسسات المجتمع المدني ولجنة حقوق الإنسان، فما يحدث بعيد عن السياسة وأكبر من وزير الداخلية ومجلس الوزراء لأنه يمس الكرامة الإنسانية ويتعارض مع المبادئ الدستورية. تداعيات قضية مقتل مواطن خلال تحقيق جهاز المباحث معه لاتزال تتواصل، لكن هذا يجب ألا يغفلنا عن كون ما تتناقله وسائل الإعلام مخالفة أخلاقية ومهنية من خلال نشر أسماء المتهمين وتفاصيل تحقيقات النيابة العامة.

مواطن يتعرض للتعذيب في جهاز حكومي تابع للدولة على يد أشخاص يفترض بهم تطبيق القانون، يموت المواطن فتقدم وزارة الداخلية بيانين متعارضين حول سبب الوفاة خلال 24 ساعة، ثم يقدم الوزير استقالته ويشكل البرلمان لجنة تحقيق وتباشر النيابة العامة تحقيقها بالموضوع، وفي أثناء تحقيقات النيابة يعترف متهمون بما نسب إليهم من تهم بينها تعمدهم التعذيب واستخدام القوة المفرطة التي أدت إلى وفاة المواطن، وبعد كل هذا يطلب مجلس الوزراء من وزير الداخلية البقاء فيشترط الأخير «تنظيف الوزارة» من بعض القياديين الذين لا يردون حتى على اتصالاته ويضللونه بتقديمهم معلومات مغلوطة، وبعد كل هذا لايزال الوزير على رأس عمله بناء على طلب مجلس الوزراء.

إذا كان وزير الداخلية وهو أحد أبناء الأسرة الحاكمة وعسكري سابق ترأس يوما ما أركان الجيش الكويتي ثم سفيراً للبلاد لدى المملكة العربية السعودية قبل أن يعود وزيراً للداخلية يتم التعامل معه من قبل عسكريي وقياديي وزارة الداخلية بهذه الطريقة ودون أدنى اعتبار لشخصه وصفته، فكيف الحال في بقية الوزارات ومع بقية الوزراء؟

وعلى القاعدة نفسها نقيس، إذا كانت قضية مقتل المواطن في أثناء تحقيق المباحث بكل ما حملته من زخم إعلامي وسياسي استفرغت علينا كل هذا القيء، فما حقيقة ما يحدث مع الوافدين والمهمشين والبسطاء ممن لا صوت لهم؟ وما ضمانة عدم تكرار ذلك مستقبلاً بعد تنامي ظاهرة عدم مراعاة الإجراءات والتعسف في تطبيق القانون من قبل رجال الأمن بناء على ما تنشره الصحف المحلية يومياً من قضايا تحمل تفاصيل مؤلمة وانتهاكات مشينة متزامنة مع تغني المسؤولين بالدستور ودولة المؤسسات وتطبيق القانون على الجميع؟

على الدولة اليوم مسؤولية مفترضة لإعادة ثقة الناس، فتعذيب المتهمين لانتزاع اعترافاتهم أو ابتزازهم أو استخدام القوة المفرطة أمور غير مقبولة إنسانياً، وهناك أيضاً دور مفترض على مؤسسات المجتمع المدني ولجنة حقوق الإنسان، فما يحدث بعيد عن السياسة وأكبر من وزير الداخلية ومجلس الوزراء لأنه يمس الكرامة الإنسانية ويتعارض مع المبادئ الدستورية.

على الهامش:

أليس مستغرباً أن من «فزع» بالأمس لنصرة ضباط مخفر سلوى بعد إحالتهم إلى التحقيق لمخالفتهم القانون هو من يطالب اليوم بقبول استقالة وزير الداخلية نظراً لمخالفة ضباط آخرين القانون.

back to top