وسط الأحداث المؤلمة التي يمر بها البلد هذه الأيام والتي نثق بقدرة أهل السياسة على تجاوزها، نجد إضاءات تجعلنا أكثر قدرة على العطاء وأكثر أملاً في المستقبل.

Ad

إضاءة أولى

يأتي فوز الصديقة الكاتبة والناقدة المسرحية سعداء الدعاس بجائزة الدولة التشجيعية لهذا العام عن روايتها "لأني أسود" فوزاً يحمل أكثر من مؤشر يستحق أن نلتفت إليه بعيداً عن الجائزة التي بلا شك تستحقها سعداء، وهي تعمل بأناة وصبر على مشروعها القصصي بدءاً من مجموعتها الأولى "عتق" التي صدرت العام الماضي بعد أن ترددت الكاتبة كثيراً في نشرها. جاءت تلك المجموعة مبشرة بقدرة الكاتبة على دخول عالم الرواية. سعداء ناقدة مهتمة بالمسرح، ودورها النقدي لا يقل عن دورها الإبداعي في مجال الرواية والقصة. للأسف لم أستطع الحصول على رواية الكاتبة الفائزة وفرحي بفوز الرواية بجائزة هذا العام يعادل فرحي بصدور الرواية. فوز سعداء يجعلنا ننظر إلى الأسماء التي سبقتها في الحصول على الجائزة لنجد بثينة العيسى، باسمة العنزي ثم سعداء، وهو ما يوحي بحركة أدبية تسيطر فيها القاصات والروائيات على مساحة كبيرة من المشهد الثقافي. تلك السيطرة لم تأت تعصباً للمرأة وأدبها بلا شك، ولكن للجهد الخالص الذي تبذله المرأة في الساحة الأدبية.

المؤشر الآخر لفوز سعداء الدعاس بالذات بالجائزة التشجيعية هو تجرد المجلس في منح الجائزة، وهو ما يحسب للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والإخوة القائمين على الجائزة، فسعداء الدعاس منذ أن بدأت تكتب مقالاتها في الزميلة "أوان" لم تكن مهادنة للمجلس ولم تكن موظفة من موظفيه، بل على العكس كانت مقالاتها تنال دائماً من المجلس، وربما أحد أكثر الأقلام قسوة على المجلس.

إضاءة ثانية

يأتي بنفس السياق فوز الشاعرة غنيمة زيد الحرب بجائزة الدولة التشجيعية عن ديوانها "امرأة الشعر"، وغنيمة شاعرة مقلة ومجيدة وبعيدة عن الأضواء الإعلامية. كان بودي أن تنال جائزة الدولة التقديرية لا التشجيعية، فغنيمة زيد الحرب شاعرة لها تجربة طويلة منذ ديوانها الأول "في قفص الاحتلال" عام 1991، ومجموعة الدواوين التي صدرت لاحقاً. وكان يمكن أن تقدم لها جائزة الدولة التشجيعية في ذلك الوقت. فجائزة الدولة التشجيعية، كما يدل اسمها، تقدم تشجيعاً إلى الكتاب الذين يبرزون في عمل مميز في بداياتهم، لحثهم على مزيد من الجهد، وذلك لا ينطبق على غنيمة زيد الحرب.

فوز غنيمة زيد الحرب هو أيضاً مؤشر آخر لاحتلال المرأة مساحة الشعر، إضافة إلى احتلالها مساحة القص وبروزها كمنافس متفوق على الرجل، ولعل هذا التفوق الجلي يخلق لدى زملائنا رغبة في التحدي ودخول المنافسة بجدية تقابل جدية زميلاتنا. لا نقف في الأدب مع جنس ضد جنس ولكن نذكّر الرجل بتراجعه الكبير مؤخراً في المشهد الثقافي.

إضاءة ثالثة

إنشاء أكاديمية الكويت للفنون خطوة في الطريق الصحيح نتمنى أن ترى النور لتعيد إلى الكويت دورها الذي أخذ يتراجع بعد الريادة لسنوات طويلة. ولعل وجود السيد محمد السنعوسي على رأس المكتب التنفيذي يجعلنا على ثقة بنجاح المشروع، لما للرجل من خبرة إعلامية طويلة، ونتمنى ألا يقف أعداء كل تقدم وتطور ضده. فهناك كثيرون نعلمهم ويعلمهم السنعوسي يسبب لهم اسم السنعوسي حساسية لا علاج لها.