يميل متعهدو الأعمال إلى التوجه حيث يوجد المال, ولكن شركاتهم تبقى وتوفر القيمة (والوظائف)، حيث تستطيع إيجاد عملاء جيدين وموظفين ملائمين.

Ad

إن القيمة الحقيقية التي أوجدها العديد من شركات متعهدي الأعمال هي أكثر اتساعاً، كما أن موظفيها أصبحوا عمالاً منتجين, وفي نهاية المطاف تحولوا إلى مستهلكين في بعض الأسواق المحلية، وتولد منتجات وخدمات هذه الشركات قيمة حتى عندما تتعرض لقرصنة أو استخدام في دول لا يبيع المزود فيها الكثير من الإعلانات، والدولة قد تتمكن من نيل هذه المنافع كلها من دون أن تكون الوطن لمتعهد الأعمال المعني.

منفعتان, على أي حال, ترجعان إلى وطن متعهد الأعمال البطل. الأولى أن متعهد الأعمال المحلي يقوم بدور نموذجي مثالي. وهو– ويندر أن تكون هي– يشجع الناس على الحلم, وأيضاً على المجازفة والثبات في وجه السلبيات الطويلة الأمد, وعلى توليد نشاط اقتصادي.

وفي شتى أنحاء العالم, يدرس الأطفال الصغار الرياضيات والعلوم يحدوهم الأمل في أن يصبحوا النسخة التالية من بيل غيتس. غير أن إيجاد بيل غيتس من صنع محلي مسألة أكثر الحاحاً. وأنا سأذكر دائماً ما قاله لي صديق روسي في عام 1991 خلال مؤتمر نظمته أنا في المجر، قال: «طبعاً نحن كلنا في روسيا نعلم عن بيل غيتس. ولكنه ليس مناسباً لنا فهو يعيش في الولايات المتحدة, ودرس في جامعة هارفارد. غير أن رؤية ما فعله المجريون يعني شيئاً بالنسبة إلينا. وذلك يجعلنا نحلم بما يمكن نحن أن نفعله».

الأسطورة الخطيرة

وعلى الرغم من ذلك أنا أظن في بعض الأوقات أن أسطورة متعهد الأعمال البطل هذه تنطوي على خطر. وفي اقتصاد مثل الاقتصاد الأميركي حيث تحظى الأعمال الجديدة بمكانة عالية يعمد الأشخاص الذين ينجحون في دور إشرافي على مشروع جيد أو بائع ناجح إلى تأسيس شركاتهمالخاصة, ويحرمون بذلك النظام الاقتصادي من المديرين المتوسطين. ويشعر الآلاف من الأشخاص البارعين والمفيدين جداً أنهم غير مؤهلين لأنهم ليسوا أبطالاً. والعديد منهم يتخذ الخيارات المهنية الخاطئة بحثاً عن المجد.

وعلى سبيل المثال, أنا أعرف أحد كبار موظفي التقنية الذي أسس شركة لم يكتب لها النجاح، لأنه ببساطة لم يتمكن من إدارتها. والمستثمرون في شركته, بمن فيهم أنا, شجعوه على الاندماج مع شركة منافسة كان لديها بائع ناجح يعمل مديراً تنفيذياً فيها. ولكن لم يتم الاتفاق بين المديرين على الشروط, وقد انتهت واحدة من الشركتين بينما لاتزال الأخرى تكافح بتقنية غير كافية.

وفي الثقافات التي تعتبر الشروع في عمل تجاري مجازفة لا مشرفاً تماماً توجد صعوبة أيضاً بالنسبة إلى متعهدي الأعمال في إيجاد موظفين يقومون بأدوار غير رئيسية. ومعظم الناس يفضلون العمل في شركة راسخة أو لدى الحكومة.

وهكذا وبدلاً من التركيز على النقص المفترض في متعهدي الأعمال, علينا التفكير للحظة في النقص الحقيقي تماماً في الأشخاص المؤهلين الراغبين في العمل لديهم. وفي مقابل كل شخص مثل بيل غيتس أو ستيف جوبز- الذي يؤسس شركة- يكون الاقتصاد السليم والصحي في حاجة إلى عشرات ومئات وفي نهاية المطاف إلى الآلاف من أمثال أولئك الموظفين.

ولكن في الوقت الراهن وفي وادي السيليكون الذي تغبطه كل دولة بشكل تقريبي تقول تك كرانش إن «غوغل» دفع إلى أحد المهندسين 3.5 ملايين دولار من أجل منعه من الانتقال إلى «فيسبوك». وإضافة إلى ذلك سوف يدفع «غوغل» علاوة بنسبة 10 في المئة إلى كل موظف لديه في شهر يناير المقبل.

وهذه مشكلة أكبر حجماً بالنسبة إلى المئات من المشاريع الجديدة التي تريد تشغيل مهندسين، ولكنها لا تستطيع المنافسة مع أمثال «غوغل» و»فيسبوك». وبينما لدى الولايات المتحدة العديد من المهندسين المحليين (وتستورد آخرين على الرغم من سياسات الهجرة المقيدة) فإن الكثير من الدول الأخرى لا تفعل ذلك, وتفاقم بهذا التحديات التي تواجهها الأعمال الصغيرة الجديدة إزاء الحصول على أشخاص مؤهلين.

وفي الولايات المتحدة كما في أماكن أخرى لا توفر معظم أنظمة التعليم نوعية الأشخاص الذين تحتاج الأعمال الجديدة إلى تشغيلهم. والمشكلة لا تقتصر على نقص المهندسين فقط بل تتعداه إلى الأشخاص من ذوي المهارة الضرورية في العمل التجاري والمال والاتصالات.

أغلبية الشركات الكبرى في الأسواق الناشئة مثل روسيا والهند تقوم بتدريب موظفيها، لأن خريجي الجامعات يفتقرون في أغلب الأحيان إلى المهارات الأساسية والضرورية. وذلك جيد بالنسبة إلى الشركات الكبيرة، ولكنه يغفل الشركات الأصغر التي لا تستطيع تحمل أعباء تدريب الدرجات المتوسطة أو المنافسة من أجل الحصول على الأفضل.

ويتعين على الدول التي تريد النجاح بصورة إجمالية, لا مجرد استضافة متعهدي أعمال مليارديرين سوف يغادرانها في نهاية الأمر إلى دولة تخلو من الضرائب, التركيز على بناء نظام تعليمي متين لكل مواطنيها. وهنا يمكن أن تكون فكرة متعهد الأعمال مفيدة- وذلك من خلال إغراء مزيد من الشبان على دراسة مادتي الرياضيات والعلوم، وهو شيء سيساعدهم بطرق عديدة حتى في حال عدم متابعتهم مهنة فنية.

كيف يمكن تشجيع متعهدي الأعمال؟ بدلاً من تقديم مساعدات إلى الأعمال الجديدة بصورة مباشرة، يجب أن تصبح الحكومة عميلاً جيداً لتلك المشاريع. وحكومة الولايات المتحدة عميل ضخم لكل شركات الحواسيب, تماماً كما سبق لها أن ساعدت في بناء صناعة الطيران منذ زمن بعيد من خلال تشغيل خدمة نقل البريد.

يميل متعهدو الأعمال إلى التوجه حيث يوجد المال, ولكن شركاتهم تبقى وتوفر القيمة (والوظائف)، حيث تستطيع إيجاد عملاء جيدين وموظفين ملائمين. والشخص الجيد التعليم هو الذي يحصل على الوظيفة الأفضل– وبذلك يكسب المال الذي يستطيع به شراء أنواع السلع والخدمات التي يقوم هو ورفاقه بإنتاجها.

* إستير دايسون