الأغلبية الصامتة: الحرب المقدسة في البحرين

نشر في 17-03-2011
آخر تحديث 17-03-2011 | 00:00
 إبراهيم المليفي المعالجة الإيرانية القاصرة لأحداث البحرين من خلال تصريحات مسؤوليها أهدت كل من يريد الربط بين مطالب المعارضة المشروعة والتدخل الإيراني في منطقة الخليج الحجج الكافية، فلو أن طهران صمتت قليلاً وهدّأت من حماسة قناة «العالم» لكان البحرينيون اليوم عادوا بالزمن إلى يوم الميثاق الجميل لتصحيح مسيرتهم الديمقراطية.

قبل الخوض في كرنفال ازدواجية المعايير الطائفي، هناك مداخل يجب المرور منها؛ أوجهها إلى الباحث عن منابع الموقف المستمد من الدستور، وليس من فتاوى الدم وفواجع التاريخ التي لم تنته ولن تنتهي، لأن محتكري الحقيقة والجنان العالية فشلوا في إبادة المختلف عنه وسيظلون كذلك حتى قيام الساعة.

وفق الدستور ترتبط العمليات العسكرية للجيش الكويتي بالحرب الدفاعية في مواجهة عدوان خارجي ضد الكويت أو أي بلد عربي، مادة (68) ومادة (157) من الدستور، ولذلك لا يجوز مشاركة قوات عسكرية كويتية في عمليات بوليسية في البحرين ما لم تعدل القوانين الكويتية، الرأي السابق كان لأستاذ القانون الدستوري محمد الفيلي الذي بيّن مشروعية مشاركة الجيش الكويتي ضمن قوة درع الجزيرة في أحداث البحرين، وخيراً فعلت الكويت بعدم المشاركة في تلك القوة نظراً للمخالفة الدستورية المذكورة، ولأن الوضع بعكس ما يتوقع الكثيرون سيفاقم الوضع الطائفي في الخليج بأكمله لا في البحرين فقط، وما أقرؤه في «تويتر» من حرب مقدسة يريد بعض الكويتيين والسعوديين شنها في البحرين أحد الأدلة على ما أقول.

المدخل الثاني وهو قطعة من التاريخ البحريني، ففي 31 مارس 1970 وصل السير وينسبير مع بعثة من الأمم المتحدة لتنفيذ الاستقصاء وليس الاستفتاء لمعرفة رأي أهل البحرين في مستقبلهم، هل ينضمون إلى إيران التي زعمت أن البحرين لها أو يعلنون استقلالهم؟ كان الاستقصاء مخرجاً بريطانياً لرفض البحرين الاستفتاء الذي يوحي باعتراف ضمني بوجود حقوق لإيران في البحرين، كما أن موضوع سيادتها ليس موضوع نزاع.

الاستقصاء الذي استغرق 18 يوماً تم عبر جولات على الأندية الثقافية والرياضية والنسائية وزيارات إلى القرى والأماكن النائية، وفي 11 مايو في مجلس الأمن أعلن أن الأغلبية الساحقة من البحرينيين تريد الاستقلال، وأن من شارك في ذلك الاستقصاء قبل 40 سنة هم أجداد وآباء اليوم، وأغلبية شعب البحرين بالأمس واليوم هم من الشيعة، وهم يتعرضون بالجملة إلى حملة تشكيك بولائهم دون تفرقة بين المسيء الذي يستحق العقاب، وصاحب الرأي الذي يبحث عن الإصلاح، والبسيط الذي لا يريد من الدنيا غير الحياة بكرامة.

المدخل الأخير، يتعلق بالمعارضة البحرينية، ففي الأيام الأولى كانت مطالبها إصلاحية، ونعتقد أن بيان الجمعيات السياسية السبع المعارضة يشخص العلل ويؤسس لحوار مع القيادة السياسية البحرينية التي أطلقت إشارات إيجابية تبشر بالخير، ما حصل هو تبدد صوت المعارضة وتداخل صور العنف والعنف المضاد، الحكومة تعرض صور الدمار الذي لحق بممتلكات الدولة وإصابات رجال الأمن، والمعارضة تبث صور مَن قُتلوا وضُربوا بصورة بشعة.

المطلوب الآن من المعارضة والحكومة هو المبادرة بالعودة إلى نقطة يمكن الانطلاق منها بدلاً من الاستمرار في الوضع الحالي الذي إن حُلّ عسكريا اليوم فإنه سيعود من جديد لأن مغذياته لاتزال محتقنة.

ولا يفوتي أن أختم بأمرين في غاية الأهمية: الأول، أن جميع دول الخليج مجتمعة لن تقبل بتعرض أي نظام فيها لأي خطر (كلامي واضح)، وبناء على ذلك يمكن تفهم رد الفعل الخليجي لما يحصل في البحرين. الأمر الثاني، المعالجة الإيرانية القاصرة لأحداث البحرين من خلال تصريحات مسؤوليها أهدت كل من يريد الربط بين مطالب المعارضة المشروعة والتدخل الإيراني في منطقة الخليج الحجج الكافية، فلو أن طهران صمتت قليلاً وهدّأت من حماسة قناة «العالم» لكان البحرينيون اليوم عادوا بالزمن إلى يوم الميثاق الجميل لتصحيح مسيرتهم الديمقراطية، ولكن مع الأسف كانت طهران أكثر حمقاً من بعض العرب الذين ظنوا أنه بالإمكان استنساخ الثورات.

الفقرة الأخيرة: أحداث البحرين ليست اختباراً للمحسوبين على التيار الوطني الديمقراطي فقط، بل هي فضيحة جديدة تضاف إلى سجل مزدوجي المعايير سنّة وشيعة الذين يصمتون عند ضرر الآخرين ويقيمون موالد العزاء عندما تمسهم النار.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top