إن جميع المؤشرات تدعو إلى تحلي الحكومة بالشجاعة السياسية والحكمة في نزع فتيل الأزمة المتفاقمة يوماً بعد يوم في تقديم استقالتها فوراً، وبعد ذلك تجرى المشاورات التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الظروف والمتغيرات الإقليمية، وملفات الفساد، والتخبط الإداري، وتراكم المشاكل الحكومية المزمنة لوضع قواعد جديدة وأفق مستقبلي لكيفية إدارة البلد بنهج جديد وروح جديدة ودماء جديدة.
تسلسل الأحداث السياسية ومعها المواقف النيابية تجاه الحكومة سواء برئيسها أو بوزرائها بات يمثل نقطة تحول مهمة، وإيذاناً بالعد التنازلي لرحيل الحكومة برمتها، فقد أعلن رسمياً عن تقديم استجواب جديد لسمو رئيس مجلس الوزراء يتعلق بمادة خطيرة جداً حول تجاوزات مالية تقدر بمليارات الدناينر، وتزامن مع ذلك الإعلان استجوابات مصغرة لوزراء محددين مثل الصحة والتربية والإسكان والتجارة، وربما غيرهم، الأمر الذي يؤكد نزعة الرقابة البرلمانية على مستوى واسع في المجلس ودخول أطراف جديدة محسوبة على الحكومة، بل إنها تمثل خط الدفاع الأول عنها على خط المواجهة.وبحسب تقديراتي الخاصة، فإن من يطالب بتعديل حكومي يشمل ستة وزراء على الأقل قد يصل عددهم إلى 25، دون احتساب رقم المعارضة الثابت الذي لا يقل عن 12 نائباً قد ينضمون إلى مثل هذه المطالب بكل سهولة، وعلى عكس التجربة السابقة في حزمة الاستجوابات الجماعية التي فشلت في دور الانعقاد الماضي، فإن الحزمة الجديدة من المرجح أن تطيح بنصف أعضاء الوزارة، وهذا ما يعني سقوط الحكومة برمتها.أما الاستجواب الجديد لرئيس الوزراء فلن يقل في ثقله السياسي عن آخر نتيجة في طرح عدم التعاون الذي وصل فيه رقم حاجبي الثقة عن الرئيس إلى 22 صوتاً بعد معاناة كبيرة، وجهود جبارة كسبت ثلاثة أصوات هي التي أنقذت رأس الحكومة في اللحظات الأخيرة.وهذا الاستجواب تحديداً يمثل حرجاً شديداً لجميع النواب، وبغض النظر عن تياراتهم السياسية وكتلهم النيابية لسببين رئيسين: الأول، أنه يكشف عن حجم هائل من التجاوزات المالية المليارية والموثقة لدى الجهات الرقابية المختلفة، وفي مقدمتها ديوان المحاسبة ومنظمة الشفافية ولجان التحقيق البرلمانية؛ ناهيك عن الإجابات الرسمية لعدد من الوزراء، والتي تقر بهذه التجاوزات التي مضى عليها وقت طويل دون أن تتحرك الحكومة لمعالجتها أو محاسبة المقصرين والمذنبين والمتورطين فيها.أما السبب الآخر فيتمثل في أخطبوط الفساد الذي يربط جهات حكومية عدة ومجموعة من الوزارات وأطرافا نافذة، مما يجعل منها قضية سياسة عامة للدولة من جهة، ووجود شخصيات ومسؤولين يمثلون بدورهم أطياف المجتمع وتياراته السياسية المختلفة من جهة أخرى.وهذه «الشرباكة» بقدر ما هي محرجة إلا أن هذا الحرج قد يُزال لأن المساءلة فيها ستغلف برداء وطني لا يستثني أحداً، وسينقل الحرج والصدمة السياسية إلى الحكومة برمتها خصوصاً الرئيس.ولذلك فإن جميع المؤشرات تدعو إلى تحلي الحكومة بالشجاعة السياسية والحكمة في نزع فتيل الأزمة المتفاقمة يوماً بعد يوم في تقديم استقالتها فوراً، وبعد ذلك تجرى المشاورات التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الظروف والمتغيرات الإقليمية، وملفات الفساد، والتخبط الإداري، وتراكم المشاكل الحكومية المزمنة لوضع قواعد جديدة وأفق مستقبلي لكيفية إدارة البلد بنهج جديد وروح جديدة ودماء جديدة. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
سقوط الحكومة قادم!
15-03-2011