إنها معركة!!
كالعادة، حتى قبل أن تصدر اللجنة الرباعية بيانها الجديد، الذي تبعتهُ دعوة أميركية للفلسطينيين والإسرائيليين إلى البدء في مفاوضات مباشرة بواشنطن في الثاني من الشهر المقبل يسبق جلستها الافتتاحية اجتماع في البيت الأبيض يضم بالإضافة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما كلاً من العاهل الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك، سارع "الرافضون" لكل شيء باستثناء الأوامر الإيرانية إلى التنديد بهذه الخطوة واعتبارها مؤامرة جديدة ومضيعة للوقت.فرئيس الحكومة "المقالة" في غزة استبق صدور بيان "الرباعية" الدولية الجديد بتصريحاتٍ ضمَّن خطبة صلاة يوم الجمعة الماضي إياها، رفض فيها هذا البيان، واعتبره لا يحتوي على ما يمكن أن يكون في المصلحة الفلسطينية، وقد تلا هذه التصريحات "التّعرضية" بيان لـ"حماس" على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري اعتبرت فيه الدعوة الأميركية إلى المفاوضات المباشرة، وما يمكن أن يترتب عليها من نتائج، غير ملزمة لشعبنا الفلسطيني بشيء... وهي محاولة خداع جديدة".
وكل هذا مع أن بيان "الرباعية" الدولية الذي استندت إليه الدعوة الأميركية إلى مفاوضات مباشرة في واشنطن في الثاني من سبتمبر المقبل تضمن تأكيداً على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعلى السعي إلى سلام إقليمي عادل ودائم وشامل "كما تصورته مرجعية مدريد وقرارات مجلس الأمن والمبادرة العربية للسلام". وقد تضمن هذا البيان تشديداً على التزام "الرباعية" الدولية "الكامل" ببياناتها السابقة، التي تنص على وقف الاستيطان ومعالجة مسائل الوضع النهائي، ومن بينها بيان موسكو المهم والشهير الذي أصدرته في التاسع عشر من مارس الماضي.وبالطبع، فإن المؤكد أن هؤلاء الجاهزين دائماً وأبداً للرفض العدمي، حتى قبل أن يقرأوا ويسمعوا ما يرفضونه، لا يعرفون أن الإدارة الأميركية بعد سلسلة الجولات المكوكية الماراثونية، التي زار خلالها موفدها جورج ميتشل كل الأطراف والدول المعنية بأزمة الشرق الأوسط، هي التي بادرت إلى بلورة هذا البيان الجديد المهم الذي أصدرته اللجنة الدولية الرباعية التي تضم أميركا والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة.إنه لا أسهل من أن تقول "لا" جهة لا تتحمل عبء مسؤولية القضية الفلسطينية، وأن تدير ظهرها لمواجهة سياسية هي بمنزلة معركة أقسى وأصعب من المعركة العسكرية، فالمفاوضات المباشرة حتى وإن لم تكن ستؤدي إلى أي نتيجة قريبة فإنها معركة سياسية كبيرة لا بد من خوضها، ليس ثقةً بالإسرائيليين وإنما للمزيد من كسب الرأي العام العالمي وللمزيد من تعزيز القناعة لدى الدول والهيئات الكونية الفاعلة، ومن بينها أعضاء "الرباعية" الدولية، بأن الإسرائيليين لا يريدون السلام، وأنه لا انفراج حقيقياً ما دام القرار الإسرائيلي بيد هذا التحالف الحكومي الذي يستمد مواقفه من خرافات التاريخ البعيدة!!