إنه زمن انقلاب المعايير يا صاح
لقد أصبحنا نعيش فوضى سياسية تداخلت فيها المصالح، واختلطت فيها الأوراق، وانقلبت فيها المعايير، وتداخلت فيها الألوان، وتبدلت فيها الأسماء، وتشوهت فيها الصور، وكثر فيها التزلف والنفاق وتغليب المصالح الشخصية الآنية أو الفئوية والطائفية الضيقة على المصالح الوطنية، وأضحى الكيل بمكيالين وتزييف الحقائق والتضليل والتدليس أفعالا مبررة.من الناحية النظرية البحتة، كما ذكرنا ذات مقال، فإن لدينا دستوراً ينظم حياتنا العامة، ولدينا ديمقراطية نسبية وحرية لا بأس بها، لكن في الواقع العملي فإن الدستور الذي لا يمثل سوى الحد الأدنى لإقامة دولة دستورية ديمقراطية حديثة، غير مطبق تطبيقا كاملا، بل إنه يتم الالتفاف على نصوصه الصريحة وتجاوزها جهارا نهارا سواء من قبل الحكومة أو من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة.
أما ديمقراطيتنا فإنها ديمقراطية ناقصة غير متكملة، إذ ليس هنالك تداول للحكومة، وهناك تداخل بين السلطات لاسيما السلطتين التنفيذية والتشريعية، فالحكومة ممثلة بكاملها داخل البرلمان رغم أنها حكومة غير منتخبة، ناهيكم عن الغياب الكامل للأحزاب أو الجماعات السياسية التي تتشكل على أسس وطنية صرفة، وتتنافس انتخابيا حول برامج سياسية واقتصادية واجتماعية. يضاف إلى ذلك تراجع دورالقوى الوطنية الديمقراطية في الحياة العامة، وانخفاض صوت هذه القوى نتيجة لعوامل كثيرة، قد نتطرق لها في وقت آخر؛ مما أدى إلى تقوقعها واقتصار دورها السياسي على إدارة الحملات الانتخابية لمرشحي مجلس الأمة مع أنه من المعروف أن الصوت الوطني الديمقراطي هو الصوت الجامع الذي يوحد الناس ليس في الكويت فحسب، بل في دول العالم قاطبة، فعند المنعطفات التاريخية الحادة التي تهدد استقرار الوطن وأمنه، وعند حالات الانقسام الفئوي والطائفي يخرج الصوت الوطني الديمقراطي قويا صادحا معلنا أنه الصوت الذي يدافع وبقوة عن الوطن الجامع الذي يتسع للجميع، وعن الحقوق الدستورية والديمقراطية للمواطنين كافة بغض النظر عن أصولهم أو مذاهبهم أو جنسهم أو لون بشرتهم أو مناطق سكناهم.لقد أصبحنا نعيش فوضى سياسية تداخلت فيها المصالح، واختلطت فيها الأوراق، وانقلبت فيها المعايير، وتداخلت فيها الألوان، وتبدلت فيها الأسماء، وتشوهت فيها الصور، وكثر فيها التزلف والنفاق وتغليب المصالح الشخصية الآنية أو الفئوية والطائفية الضيقة على المصالح الوطنية، وأضحى الكيل بمكيالين وتزييف الحقائق والتضليل والتدليس أفعالا مبررة. فتقييد الحريات العامة التي كفلها الدستور والتضييق عليها والتعسف في تطبيق القانون أضحت، لدى البعض ممن كان يدينها في سالف الأزمان، أعمالا مشروعة إن كانت لا تمسه مباشرة، وأمسى دخول الاجتماعات الخاصة وإهانة كرامات البشر وضرب المواطنين العزل الأبرياء، وسحلهم وإهانتهم والاعتداء بالضرب على ممثلي الأمة ومحاولة تكميم الأفواه تمثل تطبيقا للقانون، مع أن الدستور والقانون وحقوق الإنسان منها براء. إنه زمن تداخل الألوان يا صاح ...! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة