كلنا فرحنا للثورة المصرية وعشنا مع أحداثها لحظة بلحظة، بكينا، وصفقنا، وباركنا بانتصار إرادة الشعب المصري، وتحرره من القبضة الأمنية التي أهدرت حقوقه، ومنعت مشاركته في صنع القرار المصري، والعيش على هامش الخط السياسي بقرار استراتيجي من القيادة المصرية كي تنفرد بالقيادة وتبعد قوى الشعب عن أي دور حقيقي في إدارة شؤون دولتهم.

Ad

شعوب دول الخليج وحكوماتها كانت ومازالت تكن لمصر محبة خاصة، وترتبط معها بعلاقات خاصة تختلف عن علاقاتها مع باقي الدول العربية الشقيقة، وتعتبر مصر بعدها الاستراتيجي الذي تستند إليه في كل ملمة، وكذلك الوضع في مصر وشعبها، وقد ظهر ذلك جلياً على مر التاريخ، القديم والحديث، وكانت لتلك العلاقة آثارها الكبيرة على أوضاع الأمة العربية والإسلامية، وكانت أحد أهم الأسباب في استقرار المنطقة وحمايتها، ونجاحها في دحر أعدائها.

وبالطبع لم تغب أهمية هذه العلاقة وهذا الارتباط عن أعداء الأمة العربية، فسعوا جاهدين إلى فك هذا الترابط بشتى الوسائل المتاحة، العلنية والسرية، وحاولوا بين الطرفين المرة تلو الأخرى، استغلال كل حدث مهما صغر والنفخ فيه إعلامياً وشعبياً راجين أن تحدث الفتنة وتتوتر العلاقات لكن وعي الشعبين الخليجي والمصري كان لهم بالمرصاد، وباءت كل جهودهم ومساعيهم بالفشل، وظلت العلاقة بين الشعبين راسخة رسوخ الجبال، وعميقة عمق قاع المحيطات.

لذلك كله فإننا متأكدون من أن الحملة الإعلامية المغرضة، التي بدأت تتسرب إلى بعض الوسائل الإعلامية المصرية، وتتهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات بالضغط على المجلس العسكري في مصر بالتوقف عن محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، ستفشل كما فشلت الحملات المشابهة سابقاً، وستتكسر موجات التحريض والتشكيك على جبل تلك العلاقة الاستراتيجية المصيرية، وسيخيب مسعى المغرضين الحاقدين بإذن الله.

اللافت للنظر أن الحملة تلك تصادفت مع الدعوة إلى تحسين العلاقة مع جمهورية إيران، والحديث عن قرب تبادل السفراء بين الدولتين... أنا لا أريد أن أجزم بأن هناك علاقة مؤكدة بين تلك القضيتين، لكنني أحببت أن ألفت النظر إلى التزامن الذي حدثتا فيه، ولعل الأيام الحبلى بالأحداث تكشف لنا المزيد.