وجهة نظر إرهاصات فيلم مغاير قبل 25 يناير

نشر في 22-03-2011
آخر تحديث 22-03-2011 | 00:00
 محمد بدر الدين هل توافرت إرهاصات تشير إلى أن روحاً جديدة وتوجهاً مغايراً قد يولدان من رحم السينما المصرية التقليدية السائدة، عندما انفجر الحدث الثوري الكبير في 25 يناير 2011 الذي قلب الأمور رأساً على عقب؟

هل داهم 25 يناير السينما السائدة وحين فاجأها وجدها خاوية من أي اجتهادات جادة، سواء على صعيد الرؤية الفكرية أو المستوى التقني أو القيمة الجمالية؟

الحق أن الصورة كانت أسوأ بما لا يقاس قبل خمس سنوات فقط، فحتى عام 2006 كانت السينما المصرية تغطّ في سبات عميق، مستسلمة وغائبة عن تقديم نوعيات الفيلم السينمائي المختلفة ومفاهيمه، ولم يطفُ على السطح سوى الفيلم الفكاهي الخفيف، الهزيل غالباً، ولا نقول الكوميدي، فالكوميديا باب راقٍ وصعب وعميق في فنون الدراما، لم تبلغه هذه السينما التي ضلّت الطريق آنذاك إلا لماماً.

بدءاً من عام 2007، راحت السينما المصرية تستعيد وضعها الطبيعي، أي تقديم نوعيات مختلفة، الأمر الذي كان مفتقداً بشدة، حتى بالنسبة إلى نوعيات السينما التجارية وليس الفنية فحسب، على غرار الأكشن، الميلودراما، الرومنسية التقليدية، سينما التشويق والرعب... فضلاً عن آفاق وإبداعات السينما الفنية، التي لا تعرف حصراً بـ «نوعيات».

لكن لم تحقق السينما في الفترة الأخيرة (2007 ـ 2011) طفرة أو نقلة كبرى، بل عادت إلى تقديم النوعيات المختلفة بمستويات متواضعة.

شاهدنا استثناءات لأفلام لها قيمتها أو تجارب سينمائية لها أهميتها، مثل «رسائل بحر» لفنان السينما داود عبد السيد، وهو أول عمل تمكّن من تقديمه منذ ما يقارب العشر سنوات بسبب ظروف السينما القاسية أو البائسة، «هي فوضى» للفنان الرائد يوسف شاهين وشاركه في الإخراج تلميذه خالد يوسف الذي أخرج «حين ميسرة»، «في شقة مصر الجديدة» رأينا فيه عودة للمخرج الكبير محمد خان، «بنتين من مصر» لمحمد أمين، «قص ولزق» لهالة خليل، «واحد صفر» لكاملة أبو ذكري...

لكن هذه الأفلام هي الأقل وسط ركام من أفلام استهلاكية ضعيفة غرضها الإتجار بالفن، مع قدر كبير من الاستخفاف بالمتلقّي والفن.

ووسط قليل من هذه الأفلام، التي مثّلت حضوراً إيجابياً جميلاً، ولدت ظاهرة جديدة عُرفت بـ{أفلام السينما المستقلة»، بدأها ابراهيم البطوط، أب السينما المستقلة الروحي، بفيلم «عين شمس» ثم «حاوي»، وشارك فيها أحمد عبد الله السيد بفيلميه «هليوبوليس» ثم «ميكروفون»، بالإضافة إلى مخرجين ومنتجين من بينهم المنتج شريف مندور، جربوا خوض هذا النوع الذي يتمّ تصويره بكاميرا ديجيتال ويعتمد في المعالجة على دراما إنسانية، قليلة الكلفة الإنتاجية، قد يمتزج فيها الدرامي بالتسجيلي وأداء الممثل المحترف مع أداء الممثل الهاوي ونص السيناريو والحوار المكتوب سلفاً مع أسلوب الارتجال... وغير ذلك من سمات وتقنيات، وقد حاز بعض هذه الأفلام أفضل الجوائز في مهرجانات عربية ودولية.

مثّلت هذه التجارب والاجتهادات الفنية المقدامة إرهاصات فعلاً، تشير إلى أن ثمة جيلاً واعداً من المبدعين سطع وحساً فكرياً وجمالياً مجدداً بزغ.

هكذا، حين حلّ 25 يناير لم يجد في السينما المصرية فراغاً كاملاً موحشاً، أو أرضاً جدباء.

طالما عانت السينما من تردٍّ نعم، لكنه لم يكن شاملاً نهائياً، بل لاحت في الأفق أخيراً زهور جديدة ومواهب تبتسم بثقة وأمل حقيقي بالمستقبل، لذلك عانقت الحدث الثوري الجديد بحرارة وقوة، لتغدو أكثر إصراراً وعزماً وازدهاراً.

back to top