اللغات الأعجمية في لغتنا العظيمة
استخدم الكويتيون قديماً ومازالوا بعض المفردات الأعجمية بحكم قرب وتلاقح الثقافات في المجتمع الكويتي المفتوح قديماً والمنغلق حديثاً، وعبر التبادل التجاري الطبيعي بين بلاد فارس والهند وزنجبار، وهجرة الجاليات من بلاد فارس والعراق والجزيرة العربية والبحرين إلى الكويت إما للتجارة وإما للبحث عن لقمة العيش، فكانت منطقة شرق الكويتية محطاً للمهاجرين من بلاد فارس والاحساء وغيرهما.
مسلسل "كريمو" يأخذ حيزاً كبيراً من بعض الكتاب الكويتيين، وهي محنة ليست بجديدة عن العقل العربي، الذي يحاول بشراسة عودة التنابز والنفس المتطرف، ومؤامرة فارسية لتحويل الخليج إلى كيان فارسي وتمهيداً لعودة الامبراطورية الساسانية من جديد!وبعيداً عن الخوض في نسق التفكير العنصري والبدء في تشكيل ثقافة جديدة يحاول بعض الكتاب في صفحات جرائدهم نشرها ومزجها بنكهة عنصرية متطرفة نحو الآخر الذي لا ينتمي بطبيعة المحيط. وتصوير أن العروبة المتطرفة جزء من تاريخ الكويت وبنيتها الوطنية.
من خلال قراءاتي بحسب تخصصي في اللغة العربية، حول مدى تمازج وحيوية اللغة العربية في استيعاب اللغات الأخرى غير العربية في منظمتها الثقافية، وللتقريب والتمثيل نجد في اللغة العربية باب الممنوع من الصرف أي الممنوع من التنوين، وأحد شروط المنع من الصرف العلمية والعُجمة لبعض الكلمات الواردة في القرآن الكريم. والأعجمي لا يقصد بها الفارسية فقط بل كل لغة غير العربية، وهي نسبية، فكلمة "جهنم" منعت من الصرف لأنها علم أعجمي وهي "عبرية" جاء ذكرها في التوراة، ومفردة "القسطاس" وهي رومية، و"سندس" فارسية وكلمة "طاغوت" مفردة حبشية الأصل. وهي ألفاظ أعجمية جاء ذكرها في القرآن، وللابتعاد عن عناء البحث عليك بمحرك البحث العظيم "غوغل" (لجملة: كلمات غير عربية في القرآن) ستجد ما لم أستطع حصره من تلك المفردات. ناهيك عن استخدامات الكويتيين قديماً ومازالوا بعض تلك المفردات الأعجمية بحكم قرب وتلاقح الثقافات في المجتمع الكويتي المفتوح قديماً والمنغلق حديثاً، وعبر التبادل التجاري الطبيعي بين بلاد فارس والهند وزنجبار، وهجرة الجاليات من بلاد فارس والعراق والجزيرة العربية والبحرين إلى الكويت إما للتجارة وإما للبحث عن لقمة العيش، فكانت منطقة شرق الكويتية محطاً للمهاجرين من بلاد فارس والاحساء وغيرهما، وحتى فترة طويلة اكتسب الكثير منهم لهجة أهل الكويت وعملوا في التجارة والغوص مع احتفاظ البعض منهم بلهجته الفارسية القديمة إلى يومنا هذا، نتيجة للتقارب المكاني بينهم.فجاءت كثير من تلك المفردات الأعجمية في لهجتنا الكويتية (باد قير، قونيه، اشخانته، روشنه، سكربيل)، ولعدم الإطالة نرجو من الكاتب "وليد بورباع" قراءة كتاب موسوعة اللهجة الكويتية للباحث خالد عبدالقادر الرشيد للاطلاع والثقافة حول المفردات المستخدمة في اللهجة الكويتية، بدلاً من تحويل مسلسل إلى قضية رأي عام ومؤامرة فارسية لتدمير الثقافة واللغة العربية.إن رؤية الكاتب المتشددة والعنصرية وغيره من الكتاب، هي نتيجة فقدان الذوق للعمل الفني والابتعاد به عبر دهاليز السياسة ونسج المؤامرات نتيجة للأحداث السياسية في الخليج العربي. والتحليل الفج نتيجة طبيعية لمسلسل التآمر المستمر والمتحكم في العقل العربي الذي مازال يبحث عن عدو ليحارب به الآخرين لديمومة الصراع الوهمي.وللعلم، لم أتابع المسلسل أبداً ولكن والدتي تتابعه يومياً وتستذكر الذكريات الجميلة لزيارات أقاربنا من إيران كل عام في أكثر من مناسبة. وهي للعلم أيضاً كويتية "مادة أولى" حتى لا تسحب جنسيتها من قبل أصحاب الصكوك لهويتنا الوطنية، ومازالت والدتي أيضاً تستذكر بألم وحسرة، وهي تزور قبر ابنها الشهيد ميثم المولي كل ليلة جمعة، الذي أُعدم أمام منزلنا بطلقتين في الرأس، إبان الغزو العراقي لدولة الكويت.