لو سألت أي شخص تابع الثورة الشعبية في تونس، والثورة الشعبية في مصر عن الذين كانوا وراء هاتين الثورتين وعن قادتيها لقال لك دون أدنى تفكير إنهم الشباب الذين أحبطتهم ممارسات المسؤولين في بلديهما، ومعاناتهم الظلم والتخلف، والفساد، فالقائمون على هاتين الثورتين شباب شرفاء يحبون بلادهم حباً دفعهم وبكل شجاعة إلى مواجهة كل الاحتمالات بما فيها التضحية بأرواحهم وأرزاقهم ومستقبلهم، فنهضة الوطن وتحرره من الظلم والفساد والتخلف، مقدمة على مصالحهم الشخصية، ودافعهم إلى هذه الثورة شريف، لم يداخله أو يدنسه أي غرض مخل بهذا النقاء والصفاء، لكن الأجواء التي تصاحب مثل هذه الثورات خاصة عند ظهور أولى بوادر نجاحاتها، تدفع المتسلقين والطامعين في الغنائم إلى المسارعة إلى تأييد تلك الثورات، ثم السعي إلى الظهور في كل وسائل الإعلام المختلفة لحجز مكان في الصورة والإيحاء لعامة الناس بالدور المؤثر لهم في تلك الثورة، تمهيداً لقطف ثمارها وسرقة نجاحها من الذين اندفعوا وصدورهم عارية أمام بنادق رجال الشرطة عندما كان أولئك المتسلقون ينعمون بكوب من الشاي الساخن في مخادعهم أمام أجهزة التلفاز يشاهدون الشباب وهم يتساقطون بين قتيل وجريح دون أن يحرك فيهم ساكناً، والأخطر من أولئك المتسلقين الطامعين هم المخربون والمجرمون الذين يتربصون بمثل هذه الثورات، وينتظرون بفارغ الصبر نجاحها في مواجهة رجال الأمن، ودفعهم إلى الخروج من الشارع ليندفعوا بحماس شديد ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، مكسرين كل ما يقع أمامهم من أملاك عامة أو خاصة ليحرفوا خط الثورة الشريفة ويدنسوا نقاءها وصفاءها، ثم إذا حل الليل وأرخت الظلمة ستارها على الشارع وغابت عيون الناس عنها سارعوا إلى النهب والسلب وترويع عباد الله وعاثوا في الأرض فساداً، وهذا ما حصل في تونس وتكرر في مصر ليعيش الناس الآمنون في خوف ووجل ويلعنون الثورة ومن قام بها.

Ad

***

ويبقى السؤال المهم... هل نجحت الثورتان في تحقيق أهدافهما؟ وهل سيتغير نظام الحكم إلى الأحسن؟ أم أن المتربصين بهما سينجحون في سرقة الحكم وسنجد أنفسنا كما كنا «وكأنك يا بوزيد ما غزيت»؟ لا أحد يستطيع أن يجيب عن هذا السؤال وما لنا إلا أن ننتظر.