مغارات الفساد وتضخم الثروات

نشر في 28-03-2011
آخر تحديث 28-03-2011 | 00:00
 د. بدر الديحاني كما كتبنا ذات مرة، فإن السبب الرئيس لتحرك الشعوب العربية هو إحساسها بالمهانة وانعدام الكرامة بعد أن احتُكرت السلطة والثروة والامتيازات لعقود طويلة من قبل مجموعة قليلة فاسدة وغير مؤهلة للحكم الرشيد؛ مارست التسلط والاستبداد والقمع، وتوجيه سياسات الدولة بشكل مباشر لمصلحة مجاميع مالية طفيلية فاسدة، يساعدها في ذلك امتلاكها ورعايتها أجهزة إعلامية رخيصة ومضللة تطبل لها وتسبح بحمدها ليل نهار، مما حرم الشعوب العربية حقها المشروع في الاستفادة من ثرواتها وخيراتها الوطنية الهائلة، وأدى إلى إفقارها بشكل منظم واستباحة حرياتها وإهانة كراماتها.

استمعت قبل أيام عدة في إذاعة «بي بي سي» العربية إلى مداخلتين إحداهما من مواطنة ليبية والأخرى من مواطن سوري تعكس كل منهما الشعور الصادق للمواطن العربي العادي بأن ثروته تنهب من قبل قلة قليلة فاسدة، وكرامته تهان من قبل أنظمة حكم دكتاتورية مستبدة، إذ تجيب المواطنة الليبية عن سؤال يتعلق بكون الغرب يتدخلون في ليبيا من أجل ضمان مصالحهم، خصوصاً تدفق النفط بالقول بما معناه «إننا في ليبيا لم نستفد من النفط خلال الأربعين عاماً الماضية، بل كان الغرب والقذافي وعائلته والقلة المنتفعة المحيطة به هم المستفيدون الرئيسيون من الثروة النفطية... فماذا سنخسر غير القمع لو ذهب القذافي بلا رجعة»؟!

أما المواطن السوري المقيم في مدينة «درعا» فيقول تعليقاً على المظاهرات التي عمّت المدن السورية والأساليب القمعية التي تستخدمها السلطة هناك ضد المتظاهرين المسالمين «إننا لسنا بحاجة فقط للخبز والعمل، بل إننا بحاجة أيضاً إلى الكرامة والحرية اللتين سُلبتا منّا على مدى عقود طويلة»!

وقس على ذلك في بقية الدول العربية، إذ لا يختلف ما تشعر به الشعوب العربية الأخرى كثيراً عن مضمون الحديث الذي عبر عنه متحدث لمحطة «بي بي سي» العربية، وهو الشيء ذاته الذي نسمعه ونشاهده يومياً في المحطات الفضائية ونقرأ عنه في الصحف والمجلات ووسائل الاتصال الاجتماعي المتعددة.

لقد ذهل العالم من حجم الفساد الضخم الذي كشف عنه النقاب حتى الآن في مصر، والذي كان في مقدمة مرتكبيه الرئيس المخلوع وزوجته وأبناؤه وأقاربه وبطانته الفاسدة وأركان حكمه من بعض الوزراء ورجال الأعمال وكبار الإعلاميين ورؤساء مجلسي الشعب والشورى، وأمين عام حزب السلطة، ورئيس ديوان رئيس الجمهورية، وغيرهم الكثير مما لم تطلهم يد العدالة حتى اللحظة، إذ تضخمت ثروات هذه القلة القليلة الفاسدة بطريقة غير مشروعة من خلال عمليات استغلال السلطة والنفوذ فيما يعيش ما تفوق نسبته 45% من الشعب المصري تحت خط الفقر ولا يجدون قوت يومهم، ناهيكم بالطبع عمّا كانت تمارسه بعض أجهزة الأمن في مصر وأزلام النظام المخلوع و»بلطجيته» من أساليب وحشية تنتهك كرامة الإنسان المصري عموماً، وتقمع حريته بينما أطلق النظام البائد أيدي «القطط السمان» لكي تعيث فساداً وتسلطاً في طول الأرض المصرية وعرضها.

تصوروا لو فتح في الكويت بشكل محايد ونزيه ملف الفساد وتضخم الثروات نتيجة للكسب غير المشروع واستغلال السلطة والنفوذ... فماذا سنجد يا ترى؟!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top