حكاية موت!
من الواضح أن حكاية الموت بأمراض السرطان أصبحت متلازمة معظم الأسر الكويتية وتحول هذا المرض الخبيث إلى زائر يقتحم كل بيت بلا إحم ولا دستور ولا استئذان ليخلّف كارثة إنسانية تقشعر لها الجلود وتزرع الهلع وألوان المصائب والعذاب في قلوب الصغار والكبار لفقدان الأحبة وأرباب البيوت وفلذات الأكباد.وناهيك عن الجانب الوقائي والتحليلات الرقمية وكشف المستور عن أسباب وعوامل تفشي هذا المرض بجنون وإعلان الحقيقة المرّة للناس، الأمر المغيّب تماماً في أجندة وزارة الصحة والهيئة العامة للبيئة، نجد أن إدارة العلاج بالخارج في وزارة الصحة لم يحلُ لها سياسة التقشف ووقف التلاعب والتجاوزات إلا على حساب هؤلاء المرضى الذين لا يموتون وحدهم بل يموت معهم الآباء والأمهات إذا كانوا في عمر الزهور أو ريعان الشباب.
ولا أجد تفسيراً منطقياً لتجاهل وزير الصحة لأسئلة برلمانية عدة مضى على تقديم بعضها قرابة سنة كاملة تطالب بكشف الحقائق الرقمية والإحصاءات حول أعداد المصابين بهذا المرض وفئاتهم العمرية وتوزيعهم المناطقي وأنواع هذا المرض وأسباب تفاقمه وتفشيه بهذا الشكل الجنوني، فالمسؤولية والأمانة الشرعية والوطنية والأخلاقية بل شرف المهنة الطبية تقتضي أن يقدم الوزير من تلقاء نفسه على نشر هذه المعلومات مهما كانت خطيرة ومؤلمة ويبني على ضوئها برنامجا شاملا لمواجهتها، فكيف به وهو يواجه سيلاً من الأسئلة البرلمانية التي تضعه على محك المساءلة والمحاسبة الدستورية!وقد يكون لتبعات حرب التحرير ونوعية الأسلحة الإشعاعية ومخلفاتها علاقة مباشرة لما نجنيه اليوم من الحالات المتفاقمة لأمراض السرطان، وهذا بشهادة الأميركيين وتقاريرهم ونتائج تحقيق اللجان المختصة في الكونغرس نفسه، فلماذا الحرج من إعلان مثل هذه التقارير والاستعانة بالأميركيين أنفسهم لإيجاد طرق الحل والعلاج لهذه المصيبة؟وقد يكون لنوعية الأطعمة السريعة التي تحولت إلى عشق للصغار والكبار على حد السواء الأثر المباشر في زيادة حالات السرطان بين الأطفال والشباب، فلماذا تكون جبهات النفوذ والمصالح التي تقف وراء هذه المطاعم عائقاً أمام مسؤوليات الدولة والقيام بواجباتها في الكشف عن هذه الحقائق أيضاً؟! وقد تكون هناك أسباب وعوامل أخرى لا يفقهها إلا المتخصصون والعلماء والأطباء، وهم ولله الحمد نخبة يشار إليها بالبنان ومدججون بهيئات ومراكز البحث العلمي سواء على مستوى جامعة الكويت، أو الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، أو معهد الأبحاث أو الهيئة العامة للبيئة، أو وزارة الصحة، ولكل منها ميزانيات ضخمة مخصصة فقط لهذا الغرض، فأين هؤلاء العلماء الوطنيون وما هي المعوقات التي في وجه تحقيقاتهم البحثية والعلمية، إن وجدت، لعلنا وبجهود جماعية ننجح في خوض هذا المعترك بثبات وجرأة ونجاح؟!وأيضاً من باب النصيحة وتحميل المسؤولية نسأل معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وانطلاقاً من حرصه على أبنائه وإخوانه من منتسبي الجيش الكويتي، لماذا يقوم الجنود الأميركيون بارتداء الملابس الواقية من أخطار التلوث والإشعاع عند تحميل وتخزين بعض أنواع الأسلحة والذخيرة وفي بعض التدريبات العسكرية المشتركة، بينما أبناؤنا الجنود والضباط العاملون معهم بأياديهم الجرداء في ذات المهام محرومون من هذه البزات الواقية و من أي نوع من الحماية وبلا أي نوع من الكمامات؟ وهم ورغم مشاعر الخطر ينصاعون للأوامر العسكرية وقد تعرضهم هذه المطالب الملحقة للأذى والملاحقة العسكرية والاستخباراتية.وهل يقبل معاليه أن يكون الحصن الأول لخط دفاعنا الوطني مهدداً بهذا النوع من الخطر الإشعاعي ويتحول إلى الجبهة الأولى لتلقي الأمراض الفتاكة لا سمح الله؟! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة