لم تحظ أي قضية أو ملف في وزارة التعليم اهتمام نواب الأمة مثلما حظي منهج التربية الإسلامية، إلى حد أن نرى تهديداً مستمراً لوزيرة التربية إن فكر المختصون الاقتراب من هذا الملف تحت ذريعة المساس بالعقيدة، وكأن خبراء المناهج يدينون بديانات أخرى لا سمح الله!
تعديل منهج التربية الإسلامية هو أمر من صميم عمل إدارة المناهج في وزارة التربية، ويمكنها أن تراجع ما تحتويه المادة من محتوى ليتم تعديله وفق المعطيات العلمية والاجتماعية ومتى ما دعت الحاجة إلى ذلك أسوة بكل المناهج، فالتقييم والتقويم ضروريان، بل إن جميع المؤسسات التعليمية في العالم المتطور تفعل ذلك كل فترة لضمان مواكبة مناهجها لمستجدات العصر.منهج التربية الإسلامية وغيره من المناهج عُدلت أكثر من مرة على مر الزمن دون أن يلقي ظلاله أو أن يتحول إلى أزمة، ولم نسمع بتهديد الوزير بالمنصة، كما لم نسمع عن تصعيد في دول الخليج العربي بشأن مناهج محرم الاقتراب منها، بل كنّا ننتقد بعض الجزئيات في المناهج الإسلامية أمام المسؤولين مثل موضوع الاستنجاء والاستجمار الذي يدرَّس للمرحلة الابتدائية، ولم يعترضوا علينا، إلا أن نوابنا الأفاضل لديهم حساسية مفرطة تجاه التعديل بحيث يعقدوا اجتماعاً مع رئيس الحكومة لهذا الغرض، وهو أمر ليس له أي مبرر سوى فرد العضلات.فإذا كان هدفنا في نهاية المطاف هو ربط مخرجات التعليم العام بالمجتمع من خلال مؤسساته التعليمية كالجامعة والتطبيقي أو الحياتية، بحيث يقاس من منظور علمي إحصائي يسمح بقياس كفاءة الطالب من خلال الاختبارات التي تقيمها الجامعة لتقييم مستوى اللغة الإنكليزية والرياضيات والكيمياء، فهل ستمثل وزارة التربية أمام القضاء لو خرجت النتائج ضعيفة بعد تعديل المناهج؟!الإجابة طبعاً لا، بل ستعمل مليون مرة على تعديل تلك المناهج لتتناسب ومدخلات التعليم الجامعي... فلِمَ لا يتم تعديل منهج التربية الإسلامية وقياسه على تصرفات الشباب ومدى التزامهم بالخلق الإسلامي الرفيع خلق سيد الخلق نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام؟ فهل اجتهد أحد من نوابنا إلى ذلك القياس أو حاسب وزارة التربية على مخرج منهج التربية الإسلامية من الجانب الاجتماعي؟المواقف تحسب لأصحابها، فها هي كتلة العمل الشعبي تتخذ قراراً "بعدم التدخل في موضوع المناهج سلباً أو إيجاباً"، كما قررت "ترك الأمر لتقدير السلطة التنفيذية والوزيرة المختصة، وأن موضوع المناهج شأن خاص باللجان المختصة بالوزارة والمكلفة بتقييم المناهج وأثرها في عقول الطلبة ومدى الحاجة إلى إجراء أي تعديلات عليها"، لافتة إلى أنها "أوعزت لأعضائها بعدم المشاركة في الإدلاء بأي تصريحات حول المناهج وعدم حضور أي ندوات حول هذا الأمر"، ومؤكدة "ضرورة إبعاد التعليم عن التسييس".التكسب الانتخابي وراء قضية تعديل منهج التربية الإسلامية "واحد يرفع والثاني يكبس"، كما أنه وسيلة ابتزاز وسيف مصلت على وزارة التربية لحسابات شخصية بحتة، والدليل أن بعض أطراف النزاع "عيالهم تدرس في مدارس خاصة داخل الكويت وخارجها... والحسَّابة بتحسب".ودمتم سالمين.
مقالات
البريد العام: «خل عنك»... المناهج
20-08-2010