شيء ما، كان ولم يزل، يسحرني ويغريني بالكتاب والدرس ووجودي بين عالم الطلاب المتدفق بالحيوية والنشاط والحماس والحلم بالمستقبل المشرق، لذا فإن الدعوة الكريمة التي تلقيتها من الاتحاد الوطني لطلبة الكويت- فرع الولايات المتحدة الأميركية، وبالرغم من متاعب ومشقة وبعد السفر، لم أتأخر في قبولها وتلبية ندائها.

Ad

أنا عاشق للسفر، من باب كسر رتابة الحياة اليومية، والانكشاف على عوالم جديدة، والاستزادة بمعرفة العالم الصغير الكبير، وأخيراً معايشة تجارب إنسانية خاصة، لا يمكنني معايشتها دون السفر إليها ومعاينتها في حضن أرضها وبيئتها. خاصة أنني أرى أن زيارة الولايات المتحدة الأميركية، الدولة الأعظم في عصرنا الراهن، بين فترة وأخرى، تجربة تستحق العناء واللهفة، بالنظر إلى النكهة الخاصة التي تحملها كل ولاية، مضافاً إلى ذلك انفتاح الواقع الأميركي بصرعاته المتجددة، وعوالمه اللافتة، على مستوى العلم والتقنية والإعلام والمسرح والسينما والتشكيل والصحافة والعمارة، وباقي مناحي الحياة اليومية.

الاتحاد الوطني لطلبة الكويت- فرع الولايات المتحدة الأميركية، يقيم مؤتمره السنوي السابع والعشرين، في كل عام متزامناً مع الإجازة الخاصة بـ»يوم عيد الشكر» (Thanksgiving Day)، وما يتبعه من يوم (Black Friday)، وهو يوم خاص جداً للتسوق، وفرصة سنوية ينتظرها الملايين للشراء، إذ تعلن المتاجر الكبرى تنزيلات كبيرة على معظم بضائعها، وتفتح أبوابها لاستقبال طوابير المشترين منذ ساعات الفجر الأولى.

المؤتمر السابع والعشرون لاتحاد طلبة الكويت، فرع الولايات المتحدة الأميركية، انعقد هذا العام في ولاية فلوريدا في مدينة ميامي (Miami)، وهو ينعقد في كل سنة في ولاية مختلفة، وبما يتيح للطالب والدارس الكويتي في أميركا التعرف على طبيعة وملامح مختلف الولايات الأميركية، وهذا توجه طيب وسنة حميدة، اختطها الاتحاد وسار عليها.

انعقد مؤتمر هذا العام برعاية كريمة من رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح، وحضور وزيرة التربية والتعليم العالي د. موضي الحمود، إضافة إلى سفير دولة الكويت في الولايات المتحدة الأميركية الشيخ سالم الصباح، وعدد من السادة أعضاء مجلس الأمة، وفعاليات فكرية وثقافية واقتصادية ورياضية. ولقد كان شعار المؤتمر هو «لأجلك يا وطن نصنع قمم»، وهو شعار يجعل من الوطن هدفا أولا ووحيدا يعلو على كل هدف، ويجعل من صناعة القمم الخيرة والعصرية غاية يسير كل من الاتحاد والطالب نحوها. وكم يبدو هذا الشعار منسجماً ومتوافقاً مع الروح الشبابية المتحمسة والمخلصة، التي لمستها لدى كل من حضر المؤتمر من الشباب الدارسين، سواء في مستوى الدراسة الجامعية، أو الدراسات العليا.

الاتحاد الوطني للطلبة، كمؤسسة شبابية علمية دراسية، هو أعجز بكثير من أن يصرف مالياً على تنظيم مؤتمر سنوي كبير، يضم قرابة 1500 طالب ودارس، يدعو إليه مختلف الفعاليات الثقافية والسياسية والعلمية والرياضية والفنية، لذا فإن الدعم المالي السخي الذي تقدمه بعض مؤسسات المجتمع المدني الخاصة إلى الاتحاد، بوصفها رعاة لهذا المؤتمر، إنما يعدّ مشاركة كريمة ومهمة، في سبيل دعم مسيرة العلم والشباب، خاصة أن هذا الدعم يشكل فرصة غالية لطلبة الكويت في مختلف الولايات المتحدة الأميركية كي يلتقوا، وبما يعوضهم شيئاً من الدفء الأسري، ويهون عليهم الشوق للأهل والوطن.

حضور مؤتمر اتحاد الطلبة، وتقديم محاضرة عن الحالة الثقافية في الكويت، يعيدني إلى فترة جميلة من حياتي، وأعني بها الدراسة الجامعية، ويتيح لي فرصة القرب الحي من مشاريع وتطلعات وأحلام الشباب الكويتيين في حماستها واندفاعها، وهل غير الشباب أمل كبير لأي مجتمع من المجتمعات.