يصادف الثامن من مارس اليوم العالمي للمرأة، فهنيئاً لك أينما كنت بما حققت من إنجازات، حيث يرجع تاريخ هذا اليوم إلى مظاهرات اندلعت في عام 1857 عندما خرجت آلاف النساء للاحتجاج في شوارع نيويورك على الظروف اللا إنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات، فإن المسيرة نجحت في دفع المسؤولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية.

Ad

وفي الثامن من مارس عام 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها، وكان شعار احتجاجهن آنذاك «خبز وورود» وطالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.

تأخرنا عنهم في العالم العربي سنوات طويلة، وفي الكويت نالت المرأة حقها الانتخابي في التصويت في 16 مايو 2005، متأخرين مئة عام تقريباً عن الولايات المتحدة، ولكن هل سيتطلب حصول المرأة العربية لكامل حقوقها مئة عام أخرى؟

متى سننال حقنا في اختيار مجالات العمل التي نريدها دون أن نحارب من أجل حقوقنا؟ فأغلب الأماكن تجيب طلب عملك بأننا نفضل رجالاً، رغم أن المرأة باتت تتفوق على الرجل حتى في مجالات كان الرجل هو المتمركز بها.

متى سنرى قاضية كويتية حالنا كحال سائر دول العالم التي تقلدت بها المرأة هذا المنصب وأبدعت فيه؟ ومتى سينصف قانون الرعاية السكنية المرأة العزباء الذي اعتبرها شريحة غير مهمة في المجتمع؟ فمازالت المرأة مستبعدة من المراكز القيادية رغم قدرتها على توليها، ورغم ما ندّعي أننا حققناه من خطوات جيدة في حصول المرأة على حقوقها فإن الطريق مازال مرصوفاً بالأشواك.

مازالت المرأة تتعرض للعنف الجسدي في بلدان العالم شتى، ومازالت تعامل على أنها مخلوق تابع للرجل، ومازالت المرأه تتعرض للزواج القسري في بلدان عربية كثيرة، ومازالت تقتل بالأردن بشكل مخيف فقط بسبب شك من الأهل في قضايا الشرف التي باتت حجة لزهق أرواح النساء هناك، ومازالت المرأة في السعودية واليمن تحوز أدنى المراتب في حصولها على أبسط حقوقها.

كانت المرأة ومازالت هي رمز للنضال المستمر وقادتها شجاعتها للحصول على بعض حقوقها المفقودة، ولكن إلى جانب الحقوق المدنية التي تطالب بها الناشطات في مجال المرأة وحقوق الإنسان، فإني أطالب المرأة بألا تتعثر بقمامة العادات والتقاليد التي لم تقم سوى بوأد أحلام العديد من النساء، وأدى تعثرهن بمعتقدات القبيلة إلى دفن أنفسهن وطموحاتهن وأحلامهن في «صندوق مبيت» عام في بحار النسيان.

خُلقتِ كائنا حيا أيتها المرأة، ولم تُخلقي لتكوني تابعة وخادمة وناسية لأحلامك، ودافنة لطموحاتك، ومغيبة عن حق الاستمتاع بالحياة وبما تريدين، حتى إن قاموا باحتقارك، فاعلمي أنك النصف الأجمل والألطف في هذه الحياة، وأن هناك مَن سيقدرك ويتعامل مع رقتك كما تستحقين، كوني سيدة نفسك ولا تجعلي من نفسك سجادة تحت أقدام الآخرين.

قفلة:

«خبز و ورود» كان شعار المرأة آنذاك في مظاهراتها، رغم معاناتها فإنها مازالت تحمل من الرقة ملمس الورد، واليوم رغم أن المجتمع مازال ذكورياً ورغم مرور هذه السنوات الطويلة على مطالبتها بحقوقها، فإني مازلت أرى مكاناً للخبز والورود في مسيراتنا.