«الأصول المسمومة»... شر يجب التخلص منه
لها دور أساسي في سقوط اقتصادات الدول عبر مؤسساتها المالية
تُعرَف الأصول المسمومة بأنها تلك الأصول المرهونة لمديونيات متعثرة يصعب سدادها، والتي تتضمنها ميزانيات البنوك والمؤسسات المالية، والتي تفوق قيمتها حسب تكلفتها قيمتَها الحقيقية بكثير، وبالتالي فإنها تؤثر تأثيراً سلبياً كبيراً في ميزانية المؤسسات المالية ومراكزها المالية.
مع اندلاع الأزمة المالية العالمية، ووصول تأثيراتها إلى المنطقة والكويت قبل عامين تقريباً، ظهر مصطلح "الأصول المسمومة" وانتشر بسرعة كبيرة، حاملاً معه أنباء من هناك وهناك عن احتواء العديد من الشركات الكويتية بعض هذه الأصول، والتي يبدو من اسمها أنها "شر" لميزانية الشركات، يجب عليها أن تواجهه بالشكل السليم والناجح.ونظراً إلى تأثيرها السلبي الكبير في ميزانية أي شركة مهما كبر حجمها -وربما أكبر دليل على ذلك هو انهيار "ليمان براذرز" بسببها- فقد سارعت معظم الشركات المحلية إلى إعلان متانة أوضاعها المالية وعدم حيازتها الأصول المسمومة، وذلك منذ بداية الأزمة المالية حتى الآن، وإن كانت معظم هذه الشركات لا تحبذ استخدام هذا المصطلح وتفضل مصطلح "الأصول المتعثرة" بدلاً منه، فالسم قاتل لا محالة، أما التعثر فيمكن انتشاله وإعادته إلى الحياة من جديد.وتعريف الأصول المسمومة هو تلك الأصول المرهونة لمديونيات متعثرة يصعب سدادها، والتي تضمنتها ميزانيات البنوك والمؤسسات المالية، والتي فاقت قيمتها حسب تكلفتها كثيراً عن قيمتها الحقيقية، وبالتالي فإنها تؤثر تأثيراً سلبياً كبيراً في ميزانية المؤسسات المالية ومراكزها المالية، كما أن هذه الأصول لم تقتصر على المديونيات المشكوك فيها من جانب المؤسسات المقرضة للعملاء الأقل جودة فحسب، بل إنها امتدت إلى كثير من ميزانيات شركات ومؤسسات لا تتعامل أصلاً مع هذا النوع من المدينين، إنما تحتفظ في محافظها المالية بأسهم وسندات لشركات أو بنوك أخرى تتعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع هؤلاء المدينين المتعثرين، ولا داعي لأن نذكر أن البنوك والمؤسسات المالية تتشابك في أعمالها بعضها مع بعض، ومن ثم فهي كـ"قطع الدومينو" إن سقطت إحداها أسقطت البقية معها.سقوط جماعي وإطلاق وصف الأصول السامة دلالة على أن هذه الأصول لا تملك قيمة حقيقية في ذاتها ولكن مما تشتقه من غيرها من مخاطر يتم تداولها بين المستثمرين، وهذا جعلها كالسم القاتل الذي ما إن تشبع الاقتصاد به، حتى بدأت قطاعاته الأخرى تتعطل الواحد تلو الآخر، نظراً للدور الرئيسي الذي يلعبه القطاع المالي والمصرفي في الاقتصاد بشكل عام، باعتباره "القلب النابض" الذي يعمل على ضخ الأموال إلى بقية القطاعات الاقتصادية.وتشير الأحداث إلى أن هناك جدلاً بين كثير من المسؤولين والاقتصاديين حول إعادة بعث الحياة في تلك الأصول التي فقدت تقريباً ميزتها كأصول ذات قيمة لعدم وجود أحد يرغب في شرائها أو تداولها من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنها لا تمثل أصلاً حقيقياً في ذاتها، بل عملية تحويل وإعادة تدوير لمخاطر تتعلق بأصل آخر، أي أن قيمة تلك الأصول مرتبطة بشكل مباشر بثقة الناس بها، ومتى ما فقدت هذه الثقة، لم يعد لها أي قيمة تذكر.ارتفاع القروض المتعثرةوتوقع تقرير سابق لـ"كامكو" أن تواصل القروض المتعثرة الارتفاع لتسجل 28.52 مليار دولار نهاية عام 2010 مقابل 8.71 مليارات دولار لمخصصات خسائر الائتمان للعام نفسه، وذلك بالنسبة للمخصصات والقروض المتعثرة لدى المحفظة الائتمانية لدى قطاع البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المخصصات الإجمالية لعام 2009 بلغت 10.9 مليارات دولار مقابل قروض متعثرة بقيمة 26.38 مليار دولار، أما بالنسبة لجودة القروض، فبلغت نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض نحو 4.04 في المئة نهاية عام 2009، ومن المتوقع أن ترتفع تلك النسبة لتصل إلى نحو 4.5 في المئة خلال عامَي 2010 و2011.من ناحية أخرى، تشير التوقعات إلى أن نسبة تغطية القروض المتعثرة (إجمالي احتياطي المخصصات إلى القروض المتعثرة) سترتفع من 82 في المئة خلال عام 2009 إلى 90 في المئة و101 في المئة في عامي 2010 و2011 على التوالي.ويبقى السؤال الأهم لدى غالبية الاقتصاديين الخليجيين والكويتيين على وجه الخصوص: متى ننتهي من وجود هذه الأصول المسمومة في مؤسساتنا المالية؟