«شيلمهن» التعبير الشهير باللهجة العراقية أو ماذا يجمعهم بالفصحى؟... وهي قضايا الفساد والسرقات والاستيلاء على المال العام والتكسب من المناصب التي انكشفت وتفجرت في مصر بعد انتهاء حقبة الرئيس مبارك، وأصبحت تلك القضايا مادة تشغل ساعات البث في التلفزيونات وصفحات الجرائد، فكلما حولت مؤشر التلفزيون على قناة حكومية أو خاصة مصرية أو حتى عربية، وجدت محامياً أو ناشطاً سياسياً مصرياً وأمامه ملفات ومستندات لمنح أراض لرجال الأعمال، وتخصيص مصانع وتلزيم مناقصات دون وجه حق بمليارات الدولارات لمتنفذين ومقربين من السلطة، كما تتابع في أسفل الشاشة على شريط الأخبار معلومات عن تقديم عشرات البلاغات إلى النائب العام المصري بهذا الشأن، كما أن معظم مواد الصحف المصرية حالياً خصصت لحصر ثروات رجال السلطة ورجال الأعمال المقربين منهم.
هناك تعبير لدى بعض الاقتصاديين يصفون فيه الأموال الفاسدة بأنها أرباح الرياح، لأنها تهب بغزارة ودون قاعدة من إنتاج أو أصول معلومة، ولكن يبدو أن عاصفة الثورة المصرية ستعصف بأموال هذه الأرباح لتعيدها إلى أصحابها كما حدث من قبل في تونس، التي تجاوبت معها معظم الدول في تجميد أصول أسرة الرئيس التونسي السابق بن علي وأقاربه وحاشيته وكل من استفاد من السلطة والنفوذ هناك، وقبل أيام أعلنت الفدرالية السويسرية والاتحاد الأوروبي وتجمعات حقوقية أوروبية وأميركية نيتها التعاون والعمل مع جهات مصرية لحصر الأموال والأصول المهربة من مصر وإعادتها مرة أخرى إلى القاهرة، بعد صدور أحكام ضد أصحابها تدينهم بالفساد والتربح غير المشروع.الملاحظ في الأمر أن الملفات التي تفتح للفساد في تونس ومصر تعود وقائع بعضها إلى ثمانينيات القرن الماضي، وهناك أفراد وجهات احتفظت بالوثائق والمستندات التي تفضحها طوال تلك السنوات وتوارثها البعض دون أن ييأسوا من أن يوماً سيأتي للمساءلة واسترداد أموال الشعب، وهو ما يثبت أنه لا يوجد سند قانوني يقول إنها يمكن أن تسقط بالتقادم، ويؤكد أيضاً أن النظام القانوني الدولي الحديث لم يترك للفاسدين والمنتفعين من أموال أوطانهم بالباطل ونفوذ السلطة ثغرات للهروب بأموال أرباح الرياح، وأن ملاحقتهم قد تمتد إلى سنوات طويلة، لذلك فإن خلاصة درسي تونس ومصر رسالة إلى كل رجال الأعمال الفاسدين ورجال الحكم في العديد من الدول العربية الذين يزاوجون بين السلطة والمال (الحكم والتجارة)، مفادها أن الزمن قد تغير، وأن تكديس أموال أرباح الرياح في الداخل والخارج لن يجدي نفعاً لكم عندما تهب عاصفة الشعوب، وحتى لأحفادكم الذين يمكن أن يلاحقوا من بعدكم، فقليلٌ باق خيرٌ من كثير «طاير ومسترجع»!!.***الكتاب الجديد لمركز البحوث والدراسات الكويتية بعنوان «الكويت ولبنان بين جغرافيتين» الذي صاغه الموثق البارز في الصحافة ومراكز التوثيق الكويتية والعربية الزميل الصحافي حمزة عليان عمل مميز وقيمة علمية يشكر عليها، ونتمنى أن تستفيد المراكز العلمية المتخصصة في البلاد من خبرات الزميل عليان لتدريب الشباب على حرفة التوثيق وتصنيف المعلومات وإدارة مراكز المعلومات.
أخر كلام
شيلمهن... أرباح الرياح
12-02-2011