جواز دبلوماسي للخروف الاسترالي!
بحسب تقرير نشره موقع «العربية نت» أمس فإن العديد من منظمات حقوق الحيوان الأسترالية قد طالبت وزير الزراعة هناك بحظر تصدير الخراف إلى دول الشرق الأوسط، خصوصا دول الخليج بسبب المعاملة الوحشية التي لقيتها الخراف الأسترالية هناك خلال عيد الأضحى، وقد عرضت هذه الجمعيات صورا على صفحاتها في موقع «الفيس بوك» تظهر دماء الخراف وهي تسيل في شوارع البحرين والكويت، وكذلك صورا لخراف محشورة في صناديق السيارات الصغيرة.
ولأن مسطرة الحقوق في ديار العرب شديدة الحرص على التفرقة بين ما هو عربي وما هو غربي فإنه من المتوقع أن تحظى الخراف الأسترالية بمعاملة خاصة تميزها عن الخراف العربية «النعيمية والنجدية»، لأن الناس «عفوا الخرفان» مقامات، فالخروف العربي لا يستطيع أن يطالب بمعاملة أفضل قبل نحره مادام صاحبه لا يملك أي حقوق، ومادام الجزار الطارئ «الذي كان عامل بناء قبل العيد!» لا يملك أي حقوق هو الآخر.لو اقتنع وزير الزراعة الأسترالي بمضمون حملة جمعيات حقوق الحيوان وشد الرحال إلى ديارنا فإننا سنفتح له أبواب المسالخ كي يتأكد من حرصنا الشديد على «خرفانه» العزيزة، وسوف نقسم له بأغلظ الأيمان بأننا نعامل الخراف الأسترالية مثلما نعامل أبناءنا! بل إن وزارات الزراعة سوف تتخذ إجراءات عاجلة بتحديد مواصفات «الشبوك والجواخير» التي تعيش فيها هذه الخراف الأجنبية اللطيفة، وتراقب جيدا نوعية الأعلاف التي تقدم لها قبل موسم النحر كي لا يقوم بعض ضعاف النفوس من تجار المواشي بتغذيتها بالقراطيس وأكياس الإسمنت بدلا من البرسيم والشعير. ونحمد الله العلي القدير أننا لا نستورد «الخرفان» من الولايات المتحدة أو بريطانيا لأننا حينها سوف نضطر لتقبيل رأس الخروف قبل أن نقوم بتخديره كي يتم نحره دون أن يشعر بالألم! بل إن منظمات حقوق الحيوان في الولايات المتحدة وبريطانيا قد تجبرنا على تصميم «جواخير» تحتوي على حمامات سباحة وإعداد برامج ترفيهية وموسيقية للخرفان قبل ذبحها.ففي مسائل حقوق الإنسان وحقوق الحيوان نحن أناس «تخاف ما تختشيش» كما يقول المثل المصري، حيث لا يمكن تخيل غضبنا الشديد حين تبدي الفلبين أو إندونيسيا أو سريلانكا احتجاجها على المعاملة السيئة التي تلقاها الخادمات في بلادنا، وكذلك الحال حين يحتج العمال البنغاليون على عدم تسلمهم رواتبهم لستة أشهر، حيث سرعان ما نطالب بترحيلهم جميعا ونلوم الأجهزة الأمنية على تساهلها معهم، أما حين تأتي الاحتجاجات من ذوي العيون الزرقاء فإننا نصاب برعشة وطنية تشبه رعشة الخروف يوم عيد الأضحى، فنبدأ بمراجعة ملفاتنا ونتحول جميعا إلى نشطاء في حقوق الإنسان والحيوان والنبات!من حق الخروف الأسترالي أن يشعر بالفوقية على الخروف العربي ليس لأنه ترعرع في العالم الأول قبل أن ترميه الأقدار السيئة في مراعي العالم الثالث، بل لأنه ينتمي إلى قطيع يديره راع حر يتساوى في الحقوق المدنية مع حاكم أستراليا، أما الخروف العربي فهو ينتمي إلى قطيع راع مخالف للإقامة يستعبده سيده ليل نهار.* كاتب سعودي