مَرّوا بتجارب عاطفية فاشلة، ملأت حياتهم بالصدأ والصديد

Ad

تحولت قلوبهم إلى أراضٍ لا تُنبت سوى أشجار الحرمل

استوطن الظلام بصائرهم وامتد إلى أبصارهم ولم يغادرها منذئذ.

انكفأوا في قعر شرانق حالكة لا يطالها النور وأغلقوا منافذها جيدا بالتعاويذ السوداء.

كفروا بالحب...

جحدوا آياته البيّنات

وأنكروا رُسله الرائعين

وعندما تمر كلمة حب على ألسنتهم تستحضر ذاكرتهم طعم مرارة تجاربهم البائسة والتي مازال مذاقها عالقا في ألسنتهم ما برح.

وتتفتح قلوبهم عن جروح مازالت طرية طازجة وكأنما رُسمت للتو.

وتتراءى في مخيلتهم صور كانت جميلة حينها إلا أنها أصبحت حين تمرّ أنيابا حادة تنهش سكَينتهم بضراوة طير جارح.

لم يستطيعوا الشفاء من تلك الجروح، لم يساعدهم ضعفهم على تجاوز الماضي المؤلم ليصبح آلاما مضت، هم أضعف من أن يكونوا طائر الفينيق، وأضعف من أن يكونوا كالأراضي الخصبة، تعود صالحة للزراعة بعد كل حصاد يجزّ في لحظة كل تعب الموسم، أو كالشجر المثمر يعود ينتج الثمار في كل مرة دون الالتفات إلى ما يسقط على الأرض بلا فائدة، أو ذاك الذي يتعفن على الأغصان،

هم أضعف من أن ينهضوا على أرجلهم مرة أخرى

هم أضعف من أن يتماثلوا للشفاء.

ضعفهم يحد من قدرتهم على التحامل على أجسادهم المنهكة لمد أيديهم لفتح نوافذ الأمل.

ومشكلة الضعفاء العظمى هي: أن بإمكانهم أن يكونوا سلبيين أو أشرارا...!

وباعتقادي أن السلبيين أقل ضررا من أولئك الذين يتحولون إلى أشرار، فالسلبيون يقتصر أذاهم على أنفسهم فقط،

فهم يفقدون إيمانهم بالحب، ولا يعودون قادرين على الثقة به، ولا التسليم بوجوده، أما الأشرار فلا يقفون عند هذا الحد، بل تكون رسالتهم العظمى في الحياة هي تصدير هذا الكفر بالحب إلى قلوب الآخرين.

رسالتهم هي نزع نور الإيمان بالحب من الصدور واستبداله بظلام الكراهية، والشك، والريبة من رؤية أي وردة حمراء يغمرها الندى.

يسخّرون كل طاقاتهم لزلزلة القلوب المطمئنة، يروون مئات القصص عن أناس تحوّلت حياتهم إلى شقاء بسبب الحب،

وعن أناس أبرياء قضوا بسبب وفائهم لمن أحبّوا،

وعن ضحايا أُدخلوا مصحات عقلية ونفسية، أو هاموا في الشوارع بلا هُدى بسبب كذبة حمقاء كانوا يسمونها: الحب!

وقد يكون بعض من هذه القصص صحيحا، إلا أنهم لا يقولون لك إن الحب ليس الحبيب، الحب ليس الحبيب.

قد يوقعنا حظنا السيئ بحبيب غادر إلا أن هذا لا يعني أن الحب غادر.

قد نحب شخصا نذلا، إلا أن الحب ليس نذلاً.

تجربتنا مع الحبيب لا يجب أن تُسقط نتائجها السلبية على الحب، فيجب أن نلوم وعينا أولا على اختيارنا لمن نحب قبل أن نلوم الحب.

هؤلاء الأشرار لا يقولون لنا ذلك، إنهم فقط يحاولون نزع إيماننا بالحب.

وهم عادة يمارسون ذلك بدافع نفسية مريضة وأنانية،

لأن كل قصة حب جميلة وناجحة تُشعرهم بفشلهم أكثر،

وكل اكتمال يشعرهم بنقصهم.

عزاؤهم بفشلهم هو أن يروا الكل فاشلين.

هؤلاء كالمرض المعدي... احذروهم!