في عام 2004 وتطبيقا لسياسة الخصخصة التي نفذتها الحكومة آنذاك بدأت شركة البترول الوطنية الكويتية المملوكة للدولة ببيع 40 محطة من محطات تسويق الوقود، من أصل 120 محطة تملكها الدولة، إلى القطاع الخاص ممثلا بالشركة الأولى لتسويق الوقود ثم تبعها في عام 2006 بيع 40 محطة أخرى لشركة السور لتسويق الوقود لتحتفظ شركة البترول الوطنية الكويتية، بعد ذلك، بعدد 40 محطة لتسويق الوقود فقط  كان من المفروض، كما سبق أن أعلنت الحكومة، أن تبيعها الشركة للقطاع الخاص أيضا، لكن ذلك لم يحصل حتى الآن لأسباب غير معروفة قد يكون من ضمنها فشل التجربة.

Ad

علي أي حال فإن التقييم الموضوعي لتجربة خصخصة محطات تسويق الوقود يتطلب معرفة المبررات التي استندت إليها الحكومة أو الأهداف التي كانت تنوي تحقيقها من خلال بيع ثلثي المحطات التي كانت تملكها، رغم أنها أنشطة اقتصادية مربحة جدا نظرا لطبيعتها التجارية الاستهلاكية، والتي نظنها، أي المبررات والأهداف، لا تخرج عن تلك التي يكررها دائما دعاة الخصخصة من أجل تسويقها بأي ثمن، وتحت أي ظروف مثل زيادة الكفاءة الاقتصادية، وتحسين جودة الخدمة، وتوسيع قاعدة الملكية، وكسر الاحتكار وزيادة الإيرادات العامة للدولة، وخلق فرص وظيفية جديدة للمواطنين.

نقول ذلك بالرغم من أن المعلومات الأولية المتوافرة والملاحظات المباشرة تبين أن مستوى جودة الخدمة لم يتطور عما كان عليه من قبل، إذ بقيت الخدمات التي تقدمها المحطات المخصخصة كما هي قبل الخصخصة، فضلا عن عدم تميزها من ناحية الجودة بأي شيء يذكر عن تلك الخدمات التي تقدمها المحطات التي لا تزال مملوكة لشركة البترول الوطنية.

 أما توسيع قاعدة الملكية فإنه أمر مشكوك فيه لاسيما بعد استحواذ  كبار الملاك على "فتات" الأسهم التي كان يملكها المواطنون بعد عرضها في سوق الكويت للأوراق المالية أو حتى قبل ذلك، واحتكارهم للملكية في كلتا الشركتين اللتين تحققان أرباحا خيالية معفاة من الضرائب كانت الخزينة العامة للدولة التي لا نعرف مدى استفادتها أصلا من عملية خصخصة أغلبية محطات التزود بالوقود أولى بها.

وفي ما يتعلق بحماية العمالة الوطنية العاملة في المحطات المخصخصة أو خلق فرص وظيفية جديدة للمواطنين فإنه من الواضح أن العكس تماما هو الذي حصل، إذ استبدلت العمالة الوطنية في الشركات المخصخصة بعمالة أجنبية هامشية ووضع العاملون الكويتيون الذين بقوا في الشركات المخصصة تحت رحمة شركة المقاولات التي تطبق عليهم قوانينها الخاصة والقاسية، ناهيكم عن الاستغناء تدريجيا عن خدمات العمالة الوطنية، والتي كان آخرها، إن صحت المعلومات التي تناقلتها وسائل الإعلام، استغناء الشركة الأولى لتسويق الوقود قبل أيام قليلة عما تبقى لديها من المشرفين الكويتيين وعددهم 22 مواطنا!

مع ذلك فإن تقييم تجربة خصخصة محطات تسويق الوقود بشكل موضوعي تعتبر عملية ضرورية في هذه المرحلة لمعرفة مدى نجاحها أو فشلها ولا سيما بعد مضي سنوات طويلة على بدء تنفيذ عملية خصخصتها، وهو الأمر الذي يتعين على الحكومة، في المقام الأول، القيام به وإعلان نتائجه على الفور بكل شفافية لكي يعرف المواطنون مدى نجاح تلك التجربة من عدمه للاستفادة من دروسها في المستقبل في تجارب أخرى مشابهة.