أتكلم بجد، ماذا تفعل لو وجدت نفسك في سيارة مسرعة ترفض التوقف لسبب من الأسباب، لتعطل «الفرامل» مثلا، بينما هي متجهة نحو هاوية أو جدار، ألن تتصل بصديق بالطبع وستضطر للقفز قطعا، فكيف تقفز منها بأقل قدر من الأضرار؟ يقول الخبراء إن عليك أن تتبع الإرشادات التالية:

Ad

1 ـ اسحب «فرامل» الطوارئ، وهذا الإجراء وإن لم يوقف السيارة فإنه سوف يساعد على إبطاء سرعتها.

2 ـ افتح باب السيارة وتأهب للقفز من خلال اتخاذ أفضل وضع ممكن، وبما أن جسمك سوف يكون متحركا أصلا وبالسرعة نفسها لسرعة السيارة فإنك وبعد قفزك ستستمر بالاندفاع في الاتجاه نفسه، لذا وفي حال كانت السيارة تتحرك بخط مستقيم عليك أن تقفز بعيدا عن مسارها.

3 ـ حالما تقفز، سارع بضم رأسك وذراعيك ورجليك إلى جسدك، بحيث يتحول إلى كتلة متكورة.

4 ـ احرص على أن تقفز على بقعة لينة وتحاشَ القفز على الإسفلت أو على حافة الرصيف أو باتجاه صخرة أو جدار، وفي اللحظة التي تلامس فيها الأرض، دحرج جسدك بحيث تقلل من نسبة الاحتكاك مع الأرض.

أعتقد أنه يجدر بي الآن، وعلى غرار مقدمات برامج «الأكشن» الغربية أن أشدد على أن ما ذكر أعلاه، وبالرغم من أنه منقول عن مصادر موثوقة، فليس للتطبيق، ما لم يضطر الإنسان فعلا لذلك.

حسنا، والآن ما هذه الحكاية الغريبة؟ وما قصة القفز من السيارات المتحركة؟!

أبداً، «ما غريب إلا الشيطان» كما يقول أحبتنا أهل مصر، كل ما في الأمر أن هذه الإرشادات هي سيناريو واحد من أكثر من خمسين سيناريو «مأساوي» وردت في كتاب أجنبي اسمه «كتيب النجاة من أسوأ السيناريوهات المحتملة»، هذا الكتاب الظريف المخيف، في الوقت ذاته، يعلمك كيف تنجو من كل ما قد يخطر على بالك من مواقف كارثية يمكن أن تواجهها. خذوا عندكم، كيف تصارع تمساحا؟! وكيف تهرب من سمك القرش؟! وكيف تقفز من بناية عالية؟! وكيف تنجو من هزة أرضية؟! وتستمر القائمة حتى تصل إلى كيف تتحاشى الإصابة بصاعقة؟!

لا تتسرعوا في الحكم، فحينما اقتنيت الكتاب، لم أكن أسعى إلى معرفة كيف أصارع تمساحا، وإن كانت بلادنا تعج بالتماسيح، كما لم أكن أنوي تعلم الهروب من أسماك القرش، لأن أسماك القرش عندنا لا يهرب منها أحد! ولا غير ذلك، إنما اشتريت الكتاب لأني كنت مأخوذا بهذه العجلة الغربية التي لا تكف عن التأليف والكتابة في كل شيء وأي شيء، وأعني كل شيء حرفيا! فالمكتبات هناك تعج بكل ما يخطر وما لا يخطر على البال من مؤلفات! هناك توجد كتب تعلمك كيف ترتقي في عملك، وكيف تصبح ناجحا في حياتك، وكيف تحافظ على علاقاتك، وكيف تصبح مؤثرا، وكيف تصبح محبوبا، وكيف تصبح قائدا، وكيف تكسب مليون دولار، وكيف وكيف، كل شيء وأي شيء، كتب وكتب وكتب، في كل شيء.

أما عندنا، فزيارة لأي معرض إلى الكتاب تكفيك لتجد أن أغلب مؤلفاتنا العصرية هي على شاكلة، كيف تتخلص من الجان، وكيف تطرد العفاريت، وكيف تفك السحر وترد العين؟ وكيف تطهو المحاشي؟ وكيف تحضر المقالي؟ وكيف تفسر أحلامك؟ وكيف تقرأ بختك وطالعك؟! وفي اللحظة التي تضع فيها يدك على كتاب يبدو لك أنه يتحدث عن شيء معقول، ستكتشف أنه مترجم عن الغرب، هذا إن كانت الترجمة جيدة أصلا!

أعتقد أن السؤال الشهير القائل: «لماذا تأخر العرب والمسلمون وتقدم غيرهم؟» لم يكن بحاجة إلى أن تكتب فيه المجلدات لأن إجابته أوضح من طعم السمن البلدي!! فالإجابة هي لأنهم يعيشون في أحد عالمين: إما عالم المحاشي والمقالي وإما عالم الأحلام والعفاريت، وعندما يقدم أحدهم على طلب العيش في عالم آخر سيجد نفسه يعيش في غربة!

لا شك أن هذه السيارة المسرعة التي اسمها «العالم العربي والإسلامي» وإن لم تغير مسارها المتجه نحو الهاوية ستجد من يريد أن ينفد بجلده نفسه مضطرا لأن يقفز على بقعة لينة، حتى إن اضطر بعدها أن يتدحرج!