وثيقة لها تاريخ:المقيم البريطاني ينفي خبر مطالبة المجلس التشريعي بالانضمام إلى العراق
في إحدى زياراتي للمكتبة البريطانية في لندن في عام 2009، عثرت على الكثير من الوثائق التاريخية المرتبطة بالكويت، بدءاً من مخاطبات رسمية للشيخ مبارك الصباح، مروراً بأحداث في عهد الشيخ جابر المبارك، والشيخ سالم المبارك، انتهاءً بالأحداث الكثيرة في عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح.
ذكرنا في الحلقة الماضية أن وزير الخارجية البريطاني لشؤون الهند أرسل برقية مستعجلة إلى المعتمد البريطاني في الكويت بتاريخ 8/3/1939 يطلب فيها منه تأكيد خبر وصله بأن المجلس التشريعي في الكويت طالب في قرارٍ له بضم الكويت إلى العراق، وجاء القرار بأغلبية الأصوات، بينما امتنع أربعة أعضاء عن التصويت. وفي هذه الحلقة نورد لقرائنا الكرام رد المعتمد البريطاني على وزير خارجيته، وهو كما جاء في الوثيقة المكتوبة بالإنكليزية وترجمتها هي:"ليس هناك أساس (صحيح) للعبارة. لم ينعقد المجلس منذ 21 من ديسمبر ولم يجتمع أبداً، انظر إلى مراسلتنا المنتهية ببرقيتي رقم 6/59 بتاريخ 27 فبراير". أود القول في بداية الأمر إن هذه الوثيقة تُنشَر للمرة الأولى كما أظن، إذ إنني لم أعرف عنها قبل عثوري عليها في السجلات البريطانية، ولم أجدها منشورة في الكتب والمطبوعات التي اطلعت عليها حول هذا الموضوع.
كما أود أن أسجل الملاحظات التالية تعليقاً على وثيقة اليوم:● جاء الرد من المقيم البريطاني على برقية وزير الخارجية في نفس اليوم، وهو ما يعكس الاهتمام الكبير والحساسية المفرطة للموضوع، وضرورة الرد بالسرعة الممكنة لمنع الانحرافات الممكنة في المواقف، والابتعاد عن الشطحات التي قد تردي في الهاوية. ● نفى المقيم البريطاني الخبر الذي أشيع بأن المجلس طالب بالانضمام إلى العراق، وجاء نفيه قاطعاً، وقدم حجة دالة على نفيه عندما أشار إلى أن المجلس لم يجتمع أصلاً منذ 1938/12/21، فكيف يتخذ قراراً مصيرياً مثل هذا القرار؟● أرسل المقيم البريطاني نسخة من البرقية إلى المعتمد البريطاني في الكويت، وطلب منه إبداء أية ملاحظات إن وجدت، فرد عليه المعتمد البريطاني في الكويت بأنه يوافق على ما ذكره في البرقية، وأنه ليست لديه تعليقات على ذلك.● قول المقيم البريطاني إن المجلس الجديد لم يعقد أي اجتماعات، قول غير صحيح، فقد ذكر المرحوم خالد سليمان العدساني في مذكراته المفصلة المتوفرة على الشبكة العنكبوتية أن المجلس الثاني انعقد بعد الانتخابات، وأسند الرئاسة للشيخ عبدالله السالم رحمه الله، وعقد عدة جلسات اخرى منها جلسة بتاريخ 27/12/1938 (5 ذو القعدة 1357هـ)، وجلسة أخرى بعدها بيوم، واستمرت الجلسات بعد ذلك حتى شهر مارس من عام 1939.نفي المعتمد البريطاني في الكويت لنبأ تصويت المجلس التشريعي الثاني لما اشيع من أن قرارا صدر بأغلبية الأصوات وامتناع أربعة، لا يعني أن بعض أعضاء المجلس من المنتمين لأول حزب سياسي في الكويت وهو "الكتلة الوطنية" لم يكونوا ينسقون مع العراق، ويتفاوضون معهم حول مستقبل الكويت، فقد أكد المرحوم خالد سليمان العدساني في مذكراته أن الأوضاع الداخلية في الكويت دفعته والمرحوم عبدالله الحمد الصقر، والمرحوم عبداللطيف محمد الغانم إلى "تحرير رسائل إلى كثير من المسؤولين (العراقيين) وفيهم من أعضاء الوزارة السعيدية القائمة يومذاك"، وكان ذلك بهدف "أن يتتبع من في العراق حركات الكويت الأخيرة ويعطفوا على جهاد الأحرار فيها ويؤازروهم بما في مُكْنَتِهم من أساليب الدعاية والعمل التي سيكون لها ولا شك صداها العميق في آذان الانكليز والأمير مما قد يؤدي الى تقوية الصوت الوطني في داخل الكويت وتعزيز الحركة الوطنية".● يكشف المعتمد البريطاني في الكويت معلومات جديدة مثيرة في برقية أخرى بتاريخ 10 مارس 1939 سنتناولها بالتفصيل في الحلقة المقبلة إن شاء الله.