اليوم ستنتهي الجلسة التاريخية في التصويت على طلب «عدم التعاون» مع سمو رئيس الوزراء بحصوله على أغلبية ضئيلة، حيث يتم تصغير الفارق إلى حد كبير عن الطلب السابق في 2009، والذي كان 13 صوتاً مع «عدم التعاون» مقابل 35 وامتناع واحد. إنه عبور بطعم الخسارة.

Ad

هل يعقل أن تحدث هذه القفزة الهائلة في عدد مؤيدي «عدم التعاون» لأنهم مجموعة من المؤزّمين فقط؟ أو لأنهم يرفضون الاستقرار؟ أو لأنهم مجموعة من العبثيين المعارضين للنظام؟ ألا تتصور الحكومة وسمو الرئيس أنهم يتحملون أي مسؤولية تجاه هذا التحول؟

في الصراع السياسي تتداخل مراكز القوى لحسم الصراع لصالحها في هذا الاتجاه أو ذاك، حيث يتضح أن الطرف الحكومي ومن يؤيده يمتلك موازين قوى هائلة وكاسحة من إعلام متناغم ومنسجم دون صوت نشاز، كما يملك المال والنفوذ والتسهيلات الإدارية، بالإضافة إلى الأمن. بالمقابل فإن من يقف في صف المعارضة بالأساس لا يمكن وصفه بالمعارضة، مفكك، مبعثر، لا يملك إلا صوته وقدرته على التحرك الشعبي، لا يملك معشار المال الذي يملكه الطرف الحكومي، كما لا يملك شيئاً يذكر من الإعلام، ولا يملك الجهاز الأمني بالضرورة.

إذاً فكيف تمكنت تلك المجموعة أن ترفع الرقم بنسبة تجاوزت 80 في المئة عن طلب 2009 على الرغم من التفكك والتناقضات حتى في موقف البعض من الدستور؟ وهل كان تزايد الأرقام سيتم لو أن قوات الأمن لم تعتدِ على المواطنين جسدياً في الصليبيخات؟

حالة الاحتقان السياسي الراهنة هي حالة عابرة وستنتهي اليوم، ولكنه بات مؤكداً أن الحكومة فنانة في خلق الأعداء والخصوم، ومن المتوقع أن ترتكب خطأ ظناً منها أن الوضع تحت السيطرة إعلامياً وأمنياً وموالاة، وسيرتفع الرقم المطلوب لعدم التعاون أكثر بكثير والأيام شواهد بيننا، فقد بلغ الإفساد السياسي مبلغاً لا حد له.

المعركة الراهنة ليست بين شياطين وملائكة، بل معركة مستمرة قلبها ومحورها حكم الدستور، وهي معركة تراكمت عبر ما يزيد على 40 عاماً، ولن تستقر حتى يتم الاتفاق على الممارسة الدستورية الكاملة، والالتزام بمبادئه وتعزيز ثقافة المساواة والعدالة والتسامح وقبول الآخر وحرية التعبير، وهذا ينسحب على الكثير من الفاعلين على الساحة السياسية حكومة كانوا أم قوى سياسية على الضفتين.

قراءة الحدث الراهن بحسبة الأصوات هي قراءة قاصرة تتناسى تحولات اجتماعية على الأرض، والتي دون فهمها والتعامل معها بعقلانية فإننا سندخل مأزقاً جديداً، ولربما تكون بداية الحل انعقاد مؤتمر وطني عام على قاعدة الدستور برعاية سامية من حضرة صاحب السمو الأمير، من يدري لعل وعسى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.