تحدثنا في المقال السابق عن مرحلة وصول المرأة الكويتية إلى البرلمان وطي صفحة من صفحات المطالبة بالحقوق السياسية, وتحول مسار الإصلاح من السياسة إلى التنمية. وعلى الرغم من اختلاط مفاهيم التنمية بالنمو الاقتصادي وغياب القراءة الواضحة لتحديد مدى احتياجنا إلى توظيف الجهود التنموية، فإننا نسعى إلى تلمس طريق التنمية بالمفاهيم التي تناسب دول العالم النامي, والسبب أنها تدخل في إطار الاهتمام بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسعي إلى تحقيق المستوى المطلوب من الحياة الكريمة للأغلبية من أفراد المجتمع، والحق في الانتخاب، والتمثيل العادل، والمشاركة في اتخاذ القرار.

Ad

ويتفق معي كثيرون حول افتقار دول الخليح إلى رؤى وأفكار بشأن نموذج تعزيز «التحديث الإداري» السليم، وتطبيق معنى التمكين الإداري بالمفهوم الصحيح، فالتحديث والتطوير الإداري لابد أن يتلازما مع المرحلة التنفيذية للخطة التنموية.

وما يدفعنا إلى الاهتمام هو مظاهر التعثر الإداري في بعض الإدارات العامة، فلو تتبعنا مراحل اتخاذ القرار والتنفيذ لاتضح الخلل ولظهرت بوادر عدم تمكين من هم في مراكز اتخاذ القرار الإداري من اتخاذ القرار بشكل مستقل.

وفي ظل اختبار الجهود التنموية عبر قياس التمكين الإداري بشكل عام, نعرج على عملية تمكين النساء من الوظائف الوسطى والقيادية العليا, حيث ألقى عبء التكيف الوظيفي أعباءه على عاتق المرأه الخليجية, حتى أصبح من الملاحظ محاولاتها للتكيف مع المجتمع بالبنية الثقافية والعائلية معاً, وذلك عن طريق إنتاج هوية وشخصية جديدة تحاول باستمرار إثبات نجاحها في القيام بدورها في الأمومة وإنتاجية سوق العمل معاً.

واليوم نتساءل هل استفادت النساء فعلاً من مشاريع التمكين؟ وهل سيقع عليها الاختيار للعمل في مراكز صنع القرار في الهيئات الحكومية دون معاناة انتظار الترقية، التي لا تأتي للأسف إلا خضوعاً للضغوط البرلمانية، أم أنها ستخضع لجهود التقاعد الإجباري أو إغراءات الخروج المبكر من سوق العمل؟

باعتقادي أن التمكين بالمفهوم التنموي الجديد يجب أن تتبناه الحركات والجمعيات النسائية اليوم... وفي هذا السياق يجب أن أذكِّر بدور الأمم المتحدة التي أصبحت فاعلاً رئيسياً على صعيد متابعة قضايا المرأة وتطوير رؤى لها أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية في هذا المجال عبر المؤتمرات والمبادرات الإقليمية، وبرنامج إدارة الحكم في الدول العربية عام 2001 «أي مبادرة النوع الاجتماعي والمواطنة في العالم العربي»، والتي وضعت ضمن أهدافها تطوير قدرة المنظمات النسائية غير الحكومية.

وقد أطلقت الولايات المتحدة في عام 2002 مبادرة للشراكة تعرف باسم «ميبي» MEPI، تستهدف دعم الإصلاح السياسي والاقتصادي والتعليمي و»مفصّلة على قياس دول الشرق الأوسط»، ونظمت من خلالها برامج تدريب على الحملات الانتخابية الإقليمية للنساء فقط, ولاعداد الحملات الانتخابية. وعبر مؤسسة «فريدوم هاوس»، ومؤسسة دراسات الشرق الأوسط وحقوق الإنسان التي مازالت تدرس الثغرات في القوانين وعدم تكافؤ الجنسين.

نستنتج مما سبق أننا بحاجة إلى انتفاضة في البرامج التنموية سواء على المستوى الإداري أو التنموي, وبحاجة إلى توسيع أطر البرامج التنموية لدعم التمكين عبر التدريب على التجارة وإدارة الأعمال للشباب، ولاكتساب المهارات الإدارية والتجارية وتنمية رأس المال، والالتفات إلى الاهتمام بالمورد البشري.

كلمة أخيرة:

انقطعت الكهرباء، فتوعد النواب الوزير لاستجوابه في أسرع وقت... وفي اليوم التالي انقطعت الكهرباء مرة أخرى، فتوعد الوزير موظفيه لمساءلتهم في أسرع وقت!