«مبدع السجاد» يان كات يعرض «تحفه» في الكويت: عصارة «سحر الشرق» ممزوجة بروح الشباب ونمط العصر

نشر في 07-11-2010 | 00:01
آخر تحديث 07-11-2010 | 00:01
إن كنت من محبي جمع الأشياء القيمة لاسيما البسط، ولديك فكرة عامة عن السجاد بأنه قطعة الصوف أو الحرير تلك، ذات الألوان الداكنة التي تضعها على أرضية منزلك، فإني أنصحك بزيارة المعرض السنوي الخامس لـ«إيوان مكتبي» (لبنان) المقام في مجمّع 360 MALL، بالتعاون مع «مجموعة الحميضي»، وبرعاية وحضور المكرمة فدوى الحميضي، حيث ستغيّر تصاميم المصمم العالمي، يان كات، فكرتك القديمة وتقدم لك أعمالاً فنيةً مبهرة مميزة بأشكلها وألوانها المبهجة. فبعد 15 عاماً من الخبرة التي كوّنها بدءاً من النيبال مروراً بإيران وتركيا ولبنان ووصولاً إلى مصر والمغرب، كان لـ«الجريدة» هذا الحديث الخاص مع يان كات، إذ حاول نقل فلسفته الفنية في عالم السجاد إلى الجمهور الكويتي.
• يان كات ما فلسفتك الفنية في صناعة السجاد؟ ما الذي يميزك عن غيرك؟

في الحقيقة، في أيامنا هذه عندما تنظر عن كثب لصناعتنا فقد تجد أنها صناعة في طور الاضمحلال، وإن نظرت إلى دول مثل إيران، وأفغانستان، وباكستان وتركيا حيث تتم صناعة السجادات التقليدية، تجد أن عدد الذين يعملون في هذا المجال يقلّ تدريجياً، فالشباب المعاصرين لم يعدوا يهتمون بحياكة السجاد، بل أصبح ميلهم أكثر نحو العلوم التكنولوجية والمعلومات وصناعة الحواسيب والإنترنت أو أي نوع من العلوم العصرية، فهم لا يريدون التعلّق بعاداتهم وتقاليدهم القديمة. وهذا أمر محزن، إذ إنه، إذا لم يستمر نقل الخبرات في مجال حياكة السجاد من جيل إلى جيل فلن يكون لدينا في المستقبل القريب أناس يملكون أسرار حياكة السجاد اليدوي. لذلك فإن فلسفتي في هذا المجال تكمن في التركيز على استخدام المواد الأولية التقليدية الأصلية، والتصنيع في أعرق البلدان في صناعة أفخر أنواع السجاد تاريخياً، ومزج التقليدي مع الأفكار الجديدة ونمط الحياة المعاصرة.

وبالتالي فإني أوفر للذين يرغبون في فرش منازلهم بأسلوب عصري ومميز شيئاً يستطيعون استخدامه.

• ما الذي يجذبك إلى الشرق؟ وكيف تتفاعل أصولك الأوروبية وعشقك لسحر الشرق؟

أظن أن ذاك يعود إلى علاقتي بالسيد محمد مكتبي، صاحب الفكر المبدع الكامن خلف مؤسسة "إيوان مكتبي"، ومركزها العاصمة اللبنانية بيروت. والمميز والمضحك في آن، هو أن جدي ووالدي اللذين كانا من تجار السجاد، كانا يشتريان قسماً من بضاعتهما من عائلة مكتبي في فترة الخمسينيات والستينيات. وكانا يجلبان القطع الفنية الروسية القديمة من عائلة مكتبي، إذ إن والد محمد مكتبي كان أحد التجار القلائل لتلك القطع الفنية في المنطقة. وقد ترعرعت في هذا المجال، واصطحبني والدي معه خلال أسفاره المتعددة نحو الشرق خصوصاً إلى إيران وأفغانستان، فقد شببت في "بازارات" الشرق.

• أنت رجل عصامي ينتمي إلى الجيل الثالث من عائلة ألمانية من تجار السجاد، كيف تجمع بين فرادتك وإرثك العائلي؟

كما قلت لك سابقاً، إن عائلتي كانت ناشطة في مجال تجارة السجاد، ولكن في تلك الأوقات لم يكن فن السجاد المعاصر متوفراً بعد، فإذن لدي موروث عائليّ مهم، لديّ المعرفة بشأن السجاد الإيراني والتركي وكل النواع الأخرى. ولأكون صريحاً، عندما بلغت سن الرشد، لم أكن أريد أن تكون لي أية صلة بمجال السجاد، وكنت بطريقةٍ ما أحاول الهرب من الموروث العائلي. وانطلقت في رحلات بوهيمية إلى كل من الهند والنيبال، معتمداً على القليل من المال وفقط الأشياء الأساسية للعيش. وانتهى بي الأمر ذات يوم في مدينة كاتماندو عاصمة النيبال، حيث التقيت مصادفةً برجل ألماني، يعمل في مجال السجاد ومركزاً صناعته هناك، وكان يبيع السجاد المصنوع في التيبت والنيبال. وكان هذا الرجل قد كبر في السن ولم يعد يرغب في العيش في النيبال، أما أنا فكنت بدأت أتعلّق بالمكان، وبعد ثلاثة أسابيع أصبحت المشرف المباشر على أعماله. وبدأت العمل لديه كمراقب للنوعية، واكتسبت الناحية التقنية في صناعة السجاد.

وبعد سنتين، مرر إليّ هذا الرجل الألماني مفاتيح مصنعه، وسلّمني إدارة المصنع، لكي يتسنّى له التقاعد. ولم أكن في ذلك الوقت أعي حجم المسؤولية التي ستُلقى على عاتقي بمجرد موافقتي على عرضه.

وكما قلت لك فإني قد بدأت من الصفر، ولم أكن أملك الأموال الكافية لشراء التصاميم الجاهزة لصناعة السجاد، وبيعه في الشرق والغرب، وهذا الأمر هو الذي دفعني إلى رسم تصاميمي الخاصة. وبعد 15 عاماً من العمل في هذا المجال، أصبحت أملك 6 أو 7 مجموعات من السجاد المطلوبة بشدّة في مختلف الأسواق العالمية. كما بتنا نهتم بفرش أهم المحلات والفنادق العالمية، كمحلات "لويس فيتون" على سبيل المثال.

•  هل يمكنك إعطاء الجمهور الكويتي فكرة حول نوعية وكيفية صناعة السجاد الذي تصممه؟ وأين تقع مصانعكم؟

إن فكرتي الأساسية هي المحافظة على الطريقة التقليدية في إنتاج وصناعة السجاد، وهذا يعني أنه يجب عليّ سبر أغوار تلك المهنة، فمؤسستنا تشتري الصوف الخام الأصلي من أعالي جبال الهمالايا، ونجلبها إلى القرى المتمركزة في الوديان، حيث يعمل لدينا حوالي 200 عامل يغزلون ذلك الصوف يدوياً. فنحن نستعمل الطرق التقليدية فقط، لذلك فإن حياكة سجادة جدارية (تُعلَّق كعمل فني على الجدران)، تتطلب عمل 5 أشخاص لعشر ساعات كل يوم على مدى ثلاثة أشهر، أي أن هذا العمل يتطلّب الكثير من القوة العمالية. وأريد أن أشير إلى أن بعض السجاد الذي ننتجه، يُرسل إلى مصانع خاصة في سويسرا، إلى قرية صغيرة قريبة من منطقة سانت غالن، حيث تُنقّح السجادة وتوضع اللمسات الأخيرة عليها.

وأريد أن أشير إلى أنني أشدد في عملي على ضرورة محاربة عمالة الأطفال، والامتناع عنها في معاملي، وعدم إفساد البيئة في بلدان المنشأ. لذا فإن كل معاملي في كل أنحاء العالم كالمغرب والنيبال والتيبت وتايلند، تتم مراقبتها عبر مؤسسة دولية تحمل اسم "ستيب"، للتأكد من احترام البيئة والعمال.    

- لاحظنا أنك تقدّم الفرصة إلى زبائنك بتصميم سجادتهم الخاصة، اشرح لنا ذلك؟

• نعرف أنك تقسّم أعمالك الفنية إلى مجموعات خاصة، مثل "بورو" و"كونسيبت"، "غامبا اند سبايس"، "لو ماروك بلان" والـ"بيمب ماي راغ" هل يمكنك أن تشرح لنا ذلك؟

لا أعتقد أن بإمكاني الحديث بشكل مفصّل عن كل مجموعاتي الفنية، لأن ذلك قد يتطلّب ساعات وساعات، ولكن على سبيل المثال فإني سأشرح قليلاً عن مجموعة "بيمب ماي راغ"، التي يدلّ اسمها المضحك قليلاً، على العصرية والتجدد، وهي فكرة لتدوير السجاد. فأقوم بشراء السجاد من الصانعين التقليديين للسجاد في إيران وتركيا، وأعيد تلوينها بألوان عصرية وتناسب جميع الأماكن والأذواق. ونحن نقدم خدمة مميزة إلى زبائننا، إذ باستطاعتهم جلب سجادتهم القيّمة الخاصة التي ورثوها عن أجدادهم، والتي لم تعد بحالة جيدة أو لا تصلح لأن تُعرض في منزل عصري، ونحن نقوم بتحديثها وفقاً لخطوط مجموعة "بيمب ماي راغ" العصرية، التي تتماشى مع روح الشباب.

بالإضافة إلى ذلك فإن كل مجموعة من مجموعاتنا لديها أسلوبها وزخرفاتها الخاصة بها، ومن أجمل المجموعات التي أفضّلها شخصياً، لدينا مجموعة "إريزد كلاسيكس" أو الكلاسيكيات الممحية، التي ترتكز على اللعب بالأفكار التقليدية وتطويرها بطريقة تناسب الإنسان المعاصر.

• ماذا تتوقع من هذا المعرض في مجمع الـ360؟

أتوقع إن شاء الله، فتح المزيد من العقول المحبّة للفن في هذا البلد المميز، ولفت انتباههم نحو ذلك الفن، وعرض ما يمكن أن نفعله بزخرفة السجاد. وأنا متأكد من وجود العديد من الكويتيين الذين يملكون معرفة تقليدية كبيرة في هذا المجال، ولكن يمكنني أن أرى من خلال تفاعلهم مع الأعمال المعروضة هنا، مدى مفاجأتهم بما يرونه.

 وأنا أعي أن ذلك قد يتطلب بعض الوقت لمحبّي السجاد هنا، لهضم الأفكار الجديدة، وهذه حالة شائعة في كل أنحاء العالم، فقد تطلّب الأمر 15 سنة من العمل الشاق من حياتي، لأتكمن من الوصول إلى عقول الناس.

أما بالنسبة للجانب المادي، فإن المال ليس في أساس اهتماماتي، لا بل فإن تركيزي ينصب على تقديم أفضل الأعمال، وبالتالي يأتي المال كمقابل وتقدير لهذا العمل الفني. فإن أعطيت كل ما لديك من فن وحب وإتقان لعملك، فإن المال سيأتي بطريقة أوتوماتيكية كنتيجة للكدّ والإبداع.

• هل تنوي التوسّع في منطقة الشرق الأوسط؟

للحقيقة، بما أنه تربطني علاقة عميقة مع "إيوان مكتبي" فسأذهب أينما يذهب، لدي مشاريع في مختلف أنحاء العالم وأعتمد بشكل كبير على الشركاء المحليين. فإن مكتبي هو الذي يقود الدفة هنا، ولدينا العديد من المشاريع الناجحة جداً في لبنان وسورية ودبي، ونحن نحاول أن نتوسع أكثر في الأسواق العربية والشرق أوسطية الآن.

• لاحظنا من خلال الاطلاع على موقعكم الإلكتروني www.jan-kath.com أنكم تقدمون إلى زبائنكم خدمة إدخال التعديلات الخاصة على السجادة التي يرغبون في شرائها.

 أشكرك على هذا السؤال... في الحقيقة، يمكننا إدخال التعديلات الخاصة على كل السجاد الذي أصممه، فبإمكان زبائننا أن يطلبوا تغيير الألوان بشكل يتناسب مع ذوقهم، وتغيير الحجم بشكل يتناسب مع متطلباتهم.

وأريد أن أشير إلى أننا لا نخزّن السجاد مثل أي تاجر قديم يمكن أن يفعل، بل نملك تشكيلة واسعة جداً من السجادات المختلفة المخصصة فقط للعرض، الأمر الذي يمكّن الزبون من إدخال التعديلات التي تناسبه إلى السجادة التي أصممها.

•  كلمة أخيرة لعشّاق الفنون الجميلة في الكويت؟

كما قلت، أتطلّع بشوق كبير إلى أن أفتح عقول الشعب الكويتي، نحو العمل اليدوي المتقن العالي الجودة، وأن أكسب تقديره لتلك المهارات النادرة التي تنتج قطعاً فنية رائعة الجمال، وللتصاميم التي تتمتع برؤية مستقبلية ثاقبة، تجمع بين الماضي والحاضر وآمل أن تصل تلك الفكرة إلى الناس عندما يشاهدون أعمالي الفنية.

back to top