من الطبيعي ان تتزاحم الاصوات في الاسواق لتصل الى الأذن متداخلة لا تعرف ناعمها من خشنها، ولا صياح الباعة من المشترين خلال المساومة على بضاعة ما، ولكن أن تنتقل هذه الحالة إلى إدارات حكومية ومقار لجمعيات نفع عام او مراكز اهلية لخدمة المجتمع فهذا «امر عجاب»!
وللأسف أصبحت ظاهرة الصوت العالي متفشية في الدولة، فلا تكاد تدخل مؤسسة رسمية الا وتصدمك عاصفة مزعجة تدور في الهواء تبحث عن صيوان تلجأ اليه قبل ان تذهب سدى في الهواء! وتظل روائح العطور الرديئة منها والجيدة تدور في المكان حتى تكاد تشعر بالاختناق وتحتار اين تضع يدك، على اذنك ام على انفك...؟ طبعا الاخرى مشغولة بحمل المعاملة!وعندما تدلف الى مكتب استقبال المراجعين تنتقل كلك... انت ومعاملتك الى مزاج الموظف او الموظفة، والويل والثبور لك إن تجرأت وحاولت ان تقطع حديثها مع زميلتها الذي يسمعه سكان اسطنبول، عن احداث المسلسل التركي الذي عرض البارحة، او طاوعتك نفسك الامارة بالسوء الى اظهار اشارة تدل على الضجر سواء بيدك او عبر ناظريك او تغيير ملامح وجهك من الانفراج الى العبوس، في حين من قدمت اليه الاوراق يحاول ان يشرح لصديق زاره في المكتب، وكأنه احد خطباء ميدان التحرير، الفرق بين الحر والشاهين، وتشعر بالملل من طول الشرح.وتلمح عيناك، وهي الحاسة التي لاتزال تعمل بكل طاقتها من دون اي ارباك- حركة في المكتب المجاور فتنسحب مسرعا اليه، وما ان قدمت اليه المستندات حتى دخل عليه زميله وهو يتحدث بزعيق يذكرك بالغراب «يالله ياني طلعت شعوم البارحة... في قطعة الطينة تعرفها؟».وتزعل وتذهب الى المسؤول شاكيا من هذه الاصوات الحكومية المزعجة، فتستقبلك قهقهته وهو يمسك تلفونه بيد وفي الاخرى القلم، موقعا على ورقة امامه «ولا يكون خاطرج الا طيب، هذي المعاملة ووقعتها بعدي شتبين يا بعد روحي» وتغلق الباب بهدوء وانت تتذكر البوعزيزي!
مقالات
معكم : الصوت العالي!
21-04-2011