وفقاً لبيانات «المركزي» البحريني فقد ارتفعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 8.5 في المئة في 2008 إلى 27.3 في المئة في نهاية الربع الثاني من العام الحالي.

Ad

تحتاج البحرين إلى تقليص الدعم الحكومي لتخفيف الضغط المتزايد على المالية العامة، لكنها في ظل مناخ سياسي متوتر سيتعين عليها أن توفر لشعبها وظائف وخدمات أفضل في المقابل.

ومملكة البحرين هي أصغر منتج للنفط في الخليج وأول دولة تتصدى لهذه الإصلاحات، لكن محللين يقولون إن بقية دول الخليج تراقبها عن كثب، لأنها ستضطر في نهاية المطاف إلى القيام بإصلاحات مماثلة لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط.

وتعتزم الحكومة البحرينية زيادة الإنفاق بنسبة كبيرة على الإسكان والصحة والتعليم في العامين المقبلين، لكن البحرين لن تتمكن من مواصلة الإنفاق المرتفع فترة طويلة، وتحتاج إلى خفض الدعم وإيجاد وعاء ضريبي لتحقيق إيرادات حكومية أعلى وتنويع الاقتصاد لتوفير الوظائف للسكان الذين يتزايد عددهم.

وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين لدى البنك السعودي الفرنسي: "إنهم يستغرقون سنة لإنتاج (النفط الذي) تنتجه السعودية في عشرة أيام، لذا يمكنك أن ترى ما ينذر به هذا".

وأضاف: "إذا ألغوا الدعم فإن هذا سيثير الاستياء بالتأكيد لكنهم إذا لم يفعلوا فإن الموقف المالي في السنوات الخمس القادمة لن يكون مستداماً".

وبلغ عجز ميزانية البحرين نحو عشرة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي للمرة الأولى منذ عام 2005 على الأقل، إذ ظلت أسعار النفط أدنى من سعر التعادل المفترض في الميزانية البالغ نحو 80 دولاراً للبرميل، وهو أعلى سعر مفترض بين دول المنطقة.

ووفقاً لبيانات البنك المركزي فقد ارتفعت نسبة الدين الى الناتج المحلي الإجمالي من 8.5 في المئة في 2008 الى 27.3 في المئة في نهاية الربع الثاني من العام الحالي.

وسيستمر ارتفاع هذه النسبة حيث تعتزم الحكومة زيادة الإنفاق العام 26 في المئة في مشروع ميزانية 2011 و2012، مقارنة بما أنفقته في 2009 مضافاً إليه النفقات المسجلة في الميزانية الأولية للعام الحالي.

وتعتزم الحكومة خفض الفاتورة السنوية للدعم التي تبلغ نحو 500 مليون دينار بحريني (1.33 مليار دولار) أو 25 في المئة من اجمالي النفقات.

وقالت العنود الشارخ، وهي محللة في البحرين لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن المواطنين في الخليج مازالوا يدينون بالولاء للحكومات مقابل السلع والخدمات الرخيصة، وهذا نظام راسخ جداً.

وقالت: "مازال الدعم يشكل جزءاً مهماً جداً من التوازن في عقلية مجلس التعاون الخليجي".

وقالت إن هذا لن يتغير إلا إذا حسنت الحكومة الرعاية الصحية وأثبتت برامج التدريب المهني التي تؤهل البحرينيين للقطاع الخاص نجاحها.

وقالت الحكومة إنها ستحاول خفض فاتورة الدعم بحيث لا تستهدف سوى الشرائح المحتاجة من السكان في الوقت الذي يستفيد فيه الجميع من دعم البنزين، لكن تلميحات من هذا القبيل في السابق أدت الى احتجاجات في الشوارع وانتقادات من المعارضة.

ومن المرجح أن مجلس التنمية الاقتصادية الذي يضع السياسات الاقتصادية في البحرين لديه مقترحات جاهزة في الادراج بالفعل، لكن من الصعب التنبؤ بمتى تحين اللحظة السياسية المناسبة للتحرك نحو إقرار تقليص الدعم.

وقال سفاكياناكيس: "ليس لديهم خيار سوى اعادة النظر في كيفية رصد مخصصاتهم في السنوات القليلة القادمة... السؤال هو متى سيتحركون".

في غضون ذلك من المرجح أن ترفع الحكومة في هدوء الرسوم والغرامات. وقد فرضت في عام 2008 رسوماً شهرية على تأشيرات العاملين الأجانب. ويقول مسؤولون في أحاديث خاصة إنها تعتبر أول ضريبة على الشركات في البلاد.

وتعتبر البحرين مختبر سياسات الخليج، لأن موقفها الاقتصادي الأضعف أجبرها على أن تكون أول دولة تتصدى للاصلاحات التي يحتاج جيرانها الأكبر، مثل السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى القيام بها أيضاً.

ويتضمن هذا اصلاح أسواق العمل الاقليمية التي تواجه تشوهاً شديداً بسبب الأيدي العاملة الآسيوية الرخيصة، فضلاً عن تنويع اقتصادات المنطقة بعيداً عن الصناعات النفطية.

وقالت جين كينينمونت المحللة لدى وحدة المعلومات التابعة لمجلة ايكونوميست: "من المستبعد أن يرى نواب (المعارضة) تقدماً في كثير من قضاياهم السياسية... لذا أعتقد أنه من ناحية سيعارض النواب بشدة أي خفض في الدعم يؤثر في ناخبيهم".

وقالت إنه إذا أرادت البحرين فرض ضرائب فإن الحكومة ينبغي أن تعزز الشفافية بشكل كبير في ما يتعلق بكيفية إنفاق الأموال. وزادت: "أجد صعوبة في رؤية الحكومة مستعدة لسلوك هذا الطريق".

وقد يكون فرض الضرائب على الأجانب -الذين يشكلون نحو نصف سكان البحرين البالغ عددهم حوالي مليون نسمة- والشركات الأجنبية أقل جدلاً من الناحية السياسية لكنه سيلحق الضرر بالقدرة التنافسية للبحرين في مواجهة مراكز الأعمال الأخرى مثل دبي.

وقال جارمو كوتالين كبير الاقتصاديين لدى الاهلي كابيتال: "من المستبعد أن ترى أي ضرائب على الشركات في الاجل القريب، لأن العلاقات العامة التي استخدموها لاجتذاب الشركات الى هنا تقوم على واقع أنه مكان خال من الضرائب".

وخفضت مؤسسة التصنيفات الائتمانية (موديز) تصنيف ديون الحكومة البحرينية درجة واحدة الى (A3) في أغسطس لأسباب، من بينها أنها رأت أن قدرة الحكومة على توسيع وعاء الإيرادات محدودة.

يذكر أن اتفاقيات مجلس التعاون الخليجي تحد من قدرة الدول الأعضاء على فرض ضرائب القيمة المضافة من جانب واحد.

(رويترز)