مرافعة القضايا المدنية في التحقيقات!

نشر في 05-09-2010
آخر تحديث 05-09-2010 | 00:00
 حسين العبدالله على الرغم من تأكدي من مهنية العديد من المسؤولين في الإدارة العامة للتحقيقات فإن تلقي الإدارة العامة للتحقيقات للعديد من الشكاوى ذات الطبيعة المدنية وإلباسها زي القضايا الجنائية هو بلا شك أمر يدعونا إلى طرح تساؤل مهم ومنطقي في آن واحد هل في الإدارة العامة للتحقيقات مكتب فني يستعرض الشكاوى الجنائية من الناحية القانونية ويحدد مدى اختصاص الإدارة العامة للتحقيقات في الشكاوى التي تتلقاها أم أن أمر فحص الشكاوى وارد، ولكن الجهة المسؤولة عن الفحص لا تملك رد الشكاوى المقدمة للإدارة العامة للتحقيقات! وبسبب شبه تعطل المرفق القضائي في شهري يوليو وأغسطس من كل عام تتلقى الإدارة العامة للتحقيقات مئات القضايا ذات الصبغة المدنية البحتة ولكن بزي جنائي، وتعمل الإدارة على إحالة تلك الشكاوى الى مختلف المخافر للتحقيق فيها على الرغم من عدم حمل تلك الشكاوي لأية شبهة جنائية أو حتى اتهام حقيقي وإنما يحمل الموضوع طابعا مدنيا بحتا قد ينتهي بعد تحقيقات مطولة إلى إحالة النزاع إلى القضاء الجنائي الذي ينتهي غالبا إلى القضاء ببراءة المتهمين من التهم المنسوبة إليهم والسبب أن القضية برمتها هي قضية مدنية أو أن قضاء الجنح ينتهي إلى إحالة القضية إلى إدارة الخبراء لبحث مختلف جوانب القضية المدنية والتي هي من اختصاص القضاء المدني أو التجاري. لا يمكن للإدارة العامة للتحقيقات أن تمارس دور الوسيط بين المتقاضي أو الشاكي، سواء صاحب الشكوى الحقيقية أو الكيدية وبين منصة المحكمة، وإنما يتعين أن تمارس دورا مهما من خلال المكتب الفني المتلقي للشكوى منذ بدايتها أو الادعاء العام من بعد التحقيق فيها وذلك بأن تنتهي إلى حفظ القضايا التي لا تحمل أية طبائع جنائية وأن تعمل على بحث الدفوع المثارة من المتهمين وأن تبحثها وتمحصها، كما تفعل مع ذلك النيابة العامة لدى التصرف في قضايا الجنايات التي تحقق فيها. فالنيابة العامة مثلا تنتهي في العديد من الشكاوى التي تتلقاها إلى حفظها لعدم الاختصاص أو تنتهي إلى عدم وجود جريمة على الرغم من عدم فتحها باب التحقيق مع الشاكي في تلك القضايا وهذا ما تفتقده الإدارة العامة للتحقيقات في الشكاوى التي تتولى التحقيق فيها، كما أن النيابة العامة تعمل على حفظ العديد من الشكاوى الواردة إليها لعدم وجود جريمة أو لعدم وجود أدلة أو لوجود صلح وبالتالي لعدم الأهمية، إلا أن هذا الأمر لا نجده مفعلا في الإدارة العامة للتحقيقات وهو الأمر الذي يدعونا إلى مطالبة الفريق يوسف السعودي مدير الإدارة العامة للتحقيقات بالاجتماع بفريق المكتب الفني المسؤول عن تلقي الشكاوى وكذلك الادعاء العام ومطالبة المكتب الفني بتلقي الشكاوي التي هي بالفعل من اختصاص الإدارة العامة للتحقيقات حتى لا تكون الإدارة جهة تلقي أية بلاغات وقد تكون هدفها الابتزاز الواضح والذي لا يهدف إلا الى إشغال أوقات الناس لاستدعائهم في المخافر لأوقات طويلة وربما حبس حريتهم لما يزيد على 3 أشهر، كما هو الأمر الحاصل مع مواطن مصري محبوس على ذمة ادعاء صاحب بناية بسرقته ألواح خشب قيمتها 40 دينارا! وأحيل مؤخرا الى المحكمة، أو أن شركة لم تسدد مطالبات مالية لشركة أخرى؟ بينما الأمر الآخر الذي نتمنى من الفريق السعودي فيه هو مطالبته الادعاء العام بالعمل على التحقق من القضايا التي ينتهي منها السادة المحققون بحفظ القضايا التي لا تستحق الذهاب إلى المحكمة والابتعاد عن قناعة أن المحكمة هي التي تفصل وأن يشعر المسؤولون في الادعاء العام أنهم جهة قضاء حقيقي، فالقضية التي تستحق الحفظ وعدم الإحالة الى المحكمة فليحفظوها ويريحوا القضاء والمتهمين منها، بينما القضية التي تستحق الإحالة بالفعل فليكن طريقها القضاء. أخيرا فإن عدم إيجاد حلول للشكاوى ذات الصبغة المدنية والتي هدفها الابتزاز الواضح فإن الإدارة العامة للتحقيقات في حاجة إلى ما يزيد على ألف محقق آخرين يتمكنوا من إنهاء التحقيقات في كل الشكاوي الواردة للإدارة، كما أن قسم الادعاء مطالبا بآلية ومنهج جديد للتعامل مع القضايا التي يتدارسها والتي تخضع لتصرفه.
back to top