دق الهريس
اختفت كثير من العادات والمظاهر الفولكلورية التي كانت تمارس في الماضي، نتيجة المتغيرات والتبدلات التي واكبت المجتمع، فمن تلك العادات، دق الهريس، وهو مادة الحبوب التي تستخدم في الأكلة الشهيرة (الهريس) وتؤكل هذه الأكلة في شهر رمضان، فقبل حلول شهر رمضان تجتمع النسوة إما على شكل جماعي وأحياناً بشكل منفرد، ويضعن حبوب الهريس في وعاء اسطواني يعرف باسم (المنحاز) ويبلغ طوله حوالي المتر، مجوف من الداخل وله يد خشبية طويلة تعرف (باليد)، فبعد وضع الحبوب بداخل (المنحاز) تبدأ عملية ضرب الحبوب بواسطة الخشبة الطويلة (اليد) حتى تتكسر الحبوب وتصبح صغيرة، وتعرف هذه العملية (بدق الهريس) ويصاحبها غناء النسوة، ففي البيوت الكويتية الكبيرة يتم إحضار عدد من المناحيز (جمع منحاز) وتصطف النسوة في صفين متقابلين، ويتناوب كل صف على ضرب الهريس بواسطة (اليد)، ويصاحب هذه العملية غناء جميل وفقاً لإيقاعات الضرب، فالعملية أساساً تحتاج إلى مجهود عضلي وجسماني ولكن الغناء بعطي النساء يكون دافعاً لتخفيف التعب وإنجاز العمل بسرعة على الوجه الأكمل.
في الماضي لم يكن (المنحاز) متوافراً في معظم البيوت الكويتية القديمة، فالأسر التي لا تمتلك (منحاز) تذهب لإنجاز طحن الحبوب في البيوت التي تمتلكه دون أدنى حرج، فالمجتمع الكويتي في الماضي تعوّد على مثل هذه الأمور والعادات، نتيجة الترابط والتآخي بين أفراده، في الوقت الحاضر اختفت هذه الظاهرة التراثية وأركن (المنحاز) جانباً وأصبح تحفة فولكلورية، وكذلك أصبح (الهريس) جاهزاً ومعبأ في أكياس من النايلون ويباع في الجمعيات التعاونية والأسواق.