أحمد مساعد: الشاطر حسن شخصيّة ما زالت تلقى الإعجاب
شرع تلفزيون الكويت بعرض أول مسلسل للأطفال في رمضان عام 1972 الذي كان بعنوان الشاطر حسن، ومنحه توقيتاً متميزاً وهو بعد الإفطار مباشرة، وكان بطله الفنان القدير أحمد مساعد.حول هذه السلسلة ومحطاته الفنية والمناصب التي تقلّدها كانت الدردشة التالية مع مساعد.
من رشّحك لمسلسل «الشاطر حسن»؟رشّحني الفنان علي المفيدي، بعدما أبلغه المخرج حمدي فريد بأنه يبحث عن وجه جديد. وكنت تعرفت إلى المفيدي في معهد الدراسات المسرحية الذي أشرف عليه زكي طليمات وفي الإذاعة حيث شاركت في برامج من بينها «الصحة للجميع» وفي تمثيليات متقطّعة.في إحدى المرات تحدّث إلي المفيدي عن مسلسل تلفزيوني خاص بالأطفال من دون أن يبيّن لي تفاصيله، وعندما التقيته بعد 15 يوماً قال لي إن المخرج حمدي فريد يود رؤيتي، فاجتمعت بهذا الأخير وشرح لي النص الذي كتبه الأديب اللبناني فارس يواكيم، فتحمست له وأعجبت بالدور المسند إلي. حقق المسلسل نجاحاً لأن الشاشة الصغيرة لم تكن منتشرة بكثرة في منطقتنا، لذا انحصر التركيز على تلفزيون الكويت والأعمال التي يقدمها. دفع هذا النجاح المسؤولين إلى إنتاج جزء ثان، وكُلّف علي المفيدي بكتابة حلقات جديدة مكمِّلة للحلقات الثلاثين الأولى، وبالفعل عرضنا الجزء الثاني في رمضان في العام التالي وحظي بنجاح كبير أيضاً.في العام 1974 بدأ الإرسال الملوّن، ما شجع المسؤولين على إنتاج الجزء الثالث، الذي حقق بدوره نجاحاً، ويعود ذلك إلى التكاتف والتآلف والعمل بإخلاص.بعد ذلك قدمت بمفردي الجزء الرابع مع المذيعة هدى المهتدي وتضمّن مسابقات خاصة بشهر رمضان، فارتديت زي الشاطر حسن الذي يطير إلى أحد البلدان، وتسألني هدى عن ذلك البلد فأعطي تفاصيل معينة لكن من دون ذكر اسمه لأن على المشاهد معرفة ذلك. ما صدى شخصيّتي «الشاطر حسن» و{شبروح»؟ما زالا راسخين في أذهان من هم بعمري أو أكبر قليلاً. فوجئت، عندما كنت في الدمام في المملكة العربية السعودية في فترة الغزو الصدامي الغاشم على دولة الكويت، بموظفين في هيئة الإعانة والمساعدات قالوا لي إنهم شاهدوا المسلسل في سن الطفولة، وقدموا لي مساعدات وتسهيلات نتيجة حبهم لتلك الشخصية . كذلك صودف أن سألني أحدهم في السوق ما جرى لشبروح. بالفعل، ترك هذا العمل بصمة لا تُنسى، وقد رفضت المشاركة في أربعة مسسلسلات تلته مثل «ابن الحطاب» وغيره لأنني لن أقنع المشاهد الذي تأثر بشخصية الشاطر حسن.ماذا عن شخصية «العلامة هدهد»؟شاركت في بداياتي مع «فرقة المسرح الشعبي» في مسرحية «مدير طرطور» ثم «العلامة هدهد» من إخراج إبراهيم الصلال، بهدف إثبات وجودي وإمكاناتي التمثيلية في ظل ازدياد المنافسين من داخل المسرح أو خارجه، وقد وضعت نفسي في إطار معقول وبرزت فيه. أديت في المسرحية شخصية «بدر»، شاب تعرّض للأذى من عمه فأراد أن يحتال عليه بالحيلة نفسها ليكشف أخطاءه. كيف تدرّجت وظيفياً في الإذاعة؟دخلت الإذاعة عام 1969 بعد تخرّجي في معهد الدرسات المسرحية. بدأت أولاً في قسم المنوّعات الذي كان يجمع بين الكلمة والأغنية والموسيقى والفقرة الدرامية. بعد تخرّجي في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1978، عملت في إذاعة البرنامج الثاني كمساعد مراقب من ثم مراقب وبقيت في هذا المنصب فترة طويلة، وكان من مهامي مراقبة الفقرات الدينية والرياضية، بالإضافة إلى مسؤولية البث المباشر لمدة ست ساعات يومياً، وبعد التحرير عينت مراقباً للمنوعات، ثم بعد التغييرات في الهيكل الوظيفي أصبحت مساعداً للمدير في شؤون التمثيليات والبرامج الخاصة إلى أن تقاعدت عن العمل.كيف تقيّم عملك في الإذاعة؟شكّل امتداداً لمن سبقوني في الإذاعة وفي الدراما بالذات، إذ تسير العملية وفق تخطيط مسبق وتتطلب جهداً في مسألة البحث عن المسلسلات والبرامج القيّمة. حاولت الحفاظ على التميّز من خلال خبرتي الإعلامية والفنية واستفدت من مشاركتي كممثل في الأعمال الدرامية في تلافي الأخطاء وسعيت إلى اختيار ما يعجب الناس.ما زالت برامج معينة مستمرة لغاية اليوم ولم تتغيّر منذ عشرين سنة أو أكثر وكأنني موجود في الإذاعة، مثل «نافذة على التاريخ» و{نجوم القمة» و{أخبار جهينة» و{أمسية الأربعاء» التي كنت مخرجها في السبعينيات.ما حكايتك مع مسرحية «المهرج»؟بعد التخرّج في المعهد لم أرغب في خوض الإخراج المسرحي، لكن ما حصل أن الصحافة كانت تتساءل دوماً: أين خريجو المعهد؟ فاستفزّني هذا الكلام ودخلت الإخراج من باب إثبات الوجود، من هنا كان عليّ البحث عن النص الذي أتفاعل معه ويختلف عما قُدم سابقاً، فوقع اختياري على مسرحية «المهرج» للكاتب السوري محمد الماغوط، وكنت آنذاك عضواً في مجلس إدارة «فرقة المسرح الشعبي» ورئيس اللجنة الثقافية فيها، وعندما اقترحت العمل رحّب به مجلس الإدارة، إلا أنني ما لبثت أن علمت أن «مسرح الخليج» اختار المسرحية نفسها وكان يتمتع بنفوذ أكبر في علاقاته الخارجية مع الكتّاب والمسرحيين.إزاء هذا الواقع استأذنت «المسرح الشعبي» وسافرت في أقرب رحلة جوية إلى دولة الإمارات لمقابلة الماغوط، الذي كان يعمل في إحدى الصحف الخليجية، برفقتي أمين الصندوق في المسرح، وأبلغته نيتي تقديم مسرحيته في خطوتي الإخراجية الأولى، فوافق وقدم لي تنازلاً، من ثم دفعت بالنص إلى سعد أردش الذي كان مدرّساً في معهد الفنون المسرحية، فقرأه وأعجب به إلى درجة أنه تمنّى إخراجه، إلا أنني أبلغته بإصراري على إخراجه بنفسي. بعد ذلك توليت الإعداد المسرحي ليتناسب مع المواطن الكويتي، وقدمت المسرحية عام 1980 في إطار جديد، فحققت فترة عرض قياسية من ناحية عدد العروض والنجاح الجماهيري والفني.ومسرحية «صبوحة»؟كانت تجربتي الثانية مع «المسرح الشعبي» بعد أربع سنوات من مسرحيتي الأولى. استقيت الفكرة من مسرحية مصرية لمصطفى بهجت لكن الحكاية تختلف كلياً، وهي من إعدادي بالاشتراك مع صالح البدري وعبد الرحمن الضويحي. حققت «صبوحة» إقبالا جماهيرياً وعُرضت في اليمن وتونس والقاهرة ولندن والكويت.هنا أود الإشارة إلى مفارقة مهمة وهي أنني أعطيت نص المسرحية للناقد الدكتور حسن يعقوب العلي قبل العرض بليلة واحدة، وعندما التقيته بعد العرض بادرني بالقول: «عندما قرأت النص خلتني سأرى مهزلة لكن ما شاهدته هو عرض جيد».كيف تقيّم تجربتك مع مسرح الشباب؟ممتازة. بعد التحرير قدمت مسرحية «الحلم الأخير» التي شاركت في مسابقة في البحرين، ثم بعد فترة أخرجت مسرحية «السوق» مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لمناسبة «الكويت عاصمة للثقافة العربية»، وهي جزء من مسرحية «رسائل قاضي أشبيلية»، فحققت نجاحاً وأقبل على مشاهدتها زوار الكويت العرب من بينهم المؤرخ والكاتب المصري أحمد حمروش، وهو أحد الضباط الأحرار.