شهدت جامعة الكويت خلال السنوات الأربع الماضية بقيادة مديرها د. عبدالله الفهيد الذي انتهت مدة خدمته قبل شهرين حراكا متنوعا ما بين الانجازات الأكاديمية والتصادمات الاكاديمية والطلابية وحتى النيايبة، فما كانت الجامعة تسعد بتحقيقها انجازا أكاديميا هنا، حتى يبدأ صراع وصدام جديد هناك إما لقرار من قبل الفهيد يواجه بمعارضة شديدة وإما لفعل تم هنا او هناك.

Ad

فترة الفهيد خلال قيادته للجامعة كانت مليئة بالاحداث التي جعلت من جامعة الكويت ساحة للتجاذبات السياسية والطلابية والأكاديمية، رغم أن رصيد الجامعة في ظل إدارة الفهيد كبير من ناحية الانجازات الأكاديمية، وهو الأمر الذي لم يشفع للإدارة على ما يبدو لنيل الثقة السياسية والبرلمانية من أجل التجديد لها حيث واجهته معارضة نيابية بالغة بعد ان شهدت فترته العديد من المواضيع المثارة نيابيا وشعبيا.

أكاديميا

نجحت الجامعة في عهد مديرها د. عبدالله الفهيد في استقبال أكبر دفعتين في تاريخ الجامعة في السنتيتن الماضيتين، وذلك رغم إدراك الجميع أن الجامعة باتت غير قادرة على استقبال المزيد من الطلبة لضعف طاقتها الاستيعابية من جهة ولمحدودية كادرها التدريسي من جهة اخرى.

ومع ان الجامعة اشتكت على لسان أكثر من مسؤول عدم مقدرتها على استقبال الاعداد الكبيرة في السنتين الماضيتين مبينة أن مخرجات التعليم الثانوي الموحد تملك معدلات مرتفعة، ارتضت بالأمر الواقع وقبلت ما يقارب الـ6000 طالب في 2009، ولحقهم 8000 طالب في 2010، وما زالت تناجي الجميع بضرورة تقبل توجهها الساعي لرفع معدلات القبول في العام المقبل.

وعلى نفس الصعيد، نجحت كليات عدة في عهد الفهيد في الحصول على الاعتماد الاكاديمي في انجاز يحسب لصالح الجامعة فكلية العلوم الإدارية والهندسة والآداب واخيرا العلوم الاجتماعية، استطاعت بجدارة الحصول على الاعتماد الأكاديمي والاعتراف الدولي من مؤسسات تعليمية تحكيمية دولية ذات مستوى عال خاصة تلك التي اعطت الاعتماد لكل من الإدارية والاجتماعية.

كما أن تمديد فترة التعاقد لأعضاء التدريس إلى السبعين كان انجازا يحسب لصالح الإدارة، اضافة إلى قيام الفهيد بتعيين عدد من قياديي الجامعة بعد فترة طويلة من خلو المناصب مثل عمادة شؤون الطلبة وعمادة القبول والتسجيل، بينما كان لاستثناء عضو هيئة التدريس من نظام البصمة قبولا ممتازا لدى أساتذة الجامعة.

أما عن أكبر الانجازات الاكاديمية التي ينتظرها الجميع بفارغ الصبر، فهو الانتهاء من مشروع مدينة صباح السالم الجامعية في الشدادية، التي قامت الجامعة في فترة الفهيد بتوقيع مناقصاتها وعقود تنفيذها، خاصة ان الجامعة انتهت من بناء مبنى الخدمات، أحد المبانى المهمة في هذا المشروع الحيوي.

وكان أيضا من أشهر إنجازات الجامعة توقيع اتفاقية مع وزارة الصحة بنقل تبعية مستشفى مبارك من الوزارة إلى جامعة الكويت من اجل استفادة مركز العلوم الطبية منه، ليخصص المبنى بالكامل لتدريب طلاب وطالبات مركز العلوم الطبية، وهي مطالبة أخذت سنين طويلة حتى تحصل الجامعة عليها، وتعد انجازا كبيرا ومهما للإدارة الجامعية.

وإلى جانب الانجازات الكبيرة، نجحت الجامعة ممثلة في كلية الآداب في استحداث قسم اللغة الفرنسية، الذي عانت إدارته طوال العام من اجراءات وعقبات تأسيسه، بسبب البيروقراطية وتعنت البعض، فضلا عن تعديل شعار الجامعة الذي كان معتمدا منذ التأسيس في عام 1966، وأضافت عليه بعض التعديلات التجميلية التي أعطته شكلا أفضل وأجمل، كخاتمة لباكورة أعمالها تستحق الذكر في نهاية عام 2009.

وقررت الجامعة كذلك تعيين مدير العلاقات العامة والاعلام فيصل مقصيد ناطقا رسميا لها، بعد أن حقق نجاحات وقفزات ملحوظة في الإدارة فضلا عن علاقاته الواسعة في المجال وحسن التعامل مع وسائل الاعلام.

كما أن قرارات عده أصدرها مجلس الجامعة مؤخرا تحسب لصالحها من الناحية الاكاديمية كانشاء كلية خاصة للعمارة بشكل منفصل عن كلية الهندسة والبترول، ومشروع لاب توب لكل طالب وفصل قسم الرياضيات عن الكمبيوتر في كلية العلوم واقرار لائحة منع التدخين داخل الحرم الجامعي وتفعيل لوائح التبادل الطلابي بين الجامعات المختلفة والمشاركة في المسابقات الدولية المتنوعة وهو ما أعطى للجامعة ثقلا أكاديميا مميزا في عهد الفهيد.

صراع أكاديمي

وعلى الجانب الآخر، دخلت إدارة الفهيد في السنوات الثلاث الأولى صراعا كبيرا مع أعضاء الهيئة التدريسية ممثلة في جمعية أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، مما عكر صفو العملية التدريسية بشكل واضح في الحرم الجامعي.

وكان للجمعية مواقف عدة اصطدمت خلالها مع الإدارة الجامعية منها على سبيل المثال الضغط من أجل الموافقة على كادر المدرسين المساعدين، فضلا عن حل مشكلة مركز اللغات ومدرسيه وعددا من المواضيع التي كانت عقبة في سبيل اعادة بناء علاقة التعاون بين الطرفين، حتى وصلت الامور إلى عدم اعتراف الفهيد بالجمعية مما صعد الخلاف على أكبر مستوى.

وقد حاولت وزيرة التربية والتعليم العالي الرئيس الأعلى للجامعة د. موضي الحمود حل هذا الخلاف من خلال الضغط على الفهيد لحضور حفل جمعية اعضاء هيئة التدريس بمناسبة فوزهم في سنته الاخيرة، ليعترف بنهاية الحفل وكيانها الرسمي واقرار ميزانية الجمعية.

واستمر الوضع ما بين جزر ومد حتى تغيرت قيادة الجامعة لقائمة أخرى في الانتخابات الأخيرة لجمعية أعضاء هيئة التدريس التي انتهجت سياسة أخرى اشبه بالتعاون والمجاملة مع الإدارة لتحقيق مطالبها.

صراعات طلابية

على الصعيد الطلابي، واجهت الإدارة الجامعية صراعات عدة مع القوى الطلابية سواء من قبل الاتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع الجامعة أو القوائم الطلابية، فمن ناحية الاتحاد الوطني كانت علاقته مع الإدارة علاقة موسمية، أحيانا تكون علاقة ود واحيانا اخرى تكون علاقة صراع.

وكان أكبر الصراعات التي ادخلت الجامعة في دوامة الماجهة الطلابية، هو قرار الجامعة بمنع الندوات السياسية داخل الحرم الجامعي وعدم دخول النواب لالقاء محاضرات سياسية داخل الجامعة مزامنة مع فترة الاستجواب البرلماني المقدم ضد رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد آنذاك، لتقوم قائمة القوائم الطلابية بمعية الاتحاد على هذا القرار المستغرب، قام خلالها الاتحاد بمعاندة الإدارة واقامة حشد نيابي كبير في بهو كلية العلوم الاجتماعية دون توقيع الفورمات اللازمة من قبل عمادة شؤون الطلبة، حتى تراجعت الإدارة عن هذا القرار بعد اعتصام نظمته القوى الطلابية أمام مبنى المدير. كما ان تأجيل الانتخابات الجامعية في عام 2009 ثلاثة اسابيع خوفا من فيروس H1N1 أغضب القوائم الطلابية التي لم تستطع الانتظار اكثر من هذه الفترة لخوض الانتخابات خاصة ان العملية تأخذ من الوقت والجهد الكثير.

وفي صراع جديد، انقسمت القوائم الطلابية في صراعها من الإدارة الجامعية على أثر ردة فعلها بعد قرار اللباس المحتشم الذي صدر من مجلس الجامعة العام الماضي ما بين الرفض والقبول، ليؤدي انقسامها إلى عدم تراجع العمادة عن قرارها الذي واجهه الطلبة أنفسهم بالرفض وعدم تنفيذه حتى الآن.

كما شهدت الساحة الانتخابية النقابية حالات شد متعددة، بعد تقييم بعض القوائم الطلابية بمعية الاتحاد شكوى ضد جمعيات طلابية بسبب قانون منع الاختلاط في الجامعة، حيث أصبح تطبيق القانون أداة للصيد السهل عند بعض القوائم التي تفرغت لمتابعة أنشطة الروابط والجمعيات "المختلطة"، لتقدم شكوى بحقها من أجل تجميدها أو حلها، وكان من أبرز الشكاوى اثنتان قُدمتا في حق رابطة العلوم الإدارية ورابطة طلبة الطب، اللتين خرجتا في نهاية الأمر مبرأتين من العقوبة، ليس لأن النشاط لم يكن مختلطا، بل لأن عمادة شؤون الطلبة اكتشفت أن الاختلاط في الندوات أمر لا مفر منه ولا يمكن إقامة ندوات تناقش موضوعات تهم الجنسين على أساس الفصل.

كما فشلت الإدارة الجامعية حتى الآن في مواجهة ظاهرة العنف الطلابي التي باتت تجارة مزدهرة في الحرم الجامعي، آخرها قيام طالب بالاعتداء على طالبة من قائمة أخرى في كلية العلوم، فضلا عن دخول أحد الطلبة بسيف داخل الحرم الجامعي لينتقم من خسارته بفارق ثلاثة أصوات.