ماذا يريد بالضبط قارعو طبول الحرب الطائفية؟ هل ستنتهي مشاكلنا التنموية والمجتمعية لو اعتنقنا جميعنا مذهبا دينيا واحدا؟ بمعنى آخر، أليست مشاكل الحياة ومصاعبها التي تواجه الفقير السنّي هي نفسها التي تواجه الفقير الشيعي؟ ما العلاقة ما بين المذهب الديني والخطط التنموية الاستراتيجية أو الديمقراطية أو الحريات العامة أو تحسين ظروف الحياة المعيشية في المجتمع ككل؟

Ad

ماذا يريد مثيرو الكره والحقد الطائفي وقارعو طبول الحرب الطائفية؟ ومن يحركهم في هذا الوقت تحديدا؟ هل يريد كل طرف مذهبي من الطرف الآخر أن يغير مذهبه لمصلحته؟ وهل ذلك ممكن؟ لقد ظل كل من السنّة والشيعة على مذاهبهم طيلة الخمسة عشر قرنا الماضية، وسيظلون كذلك رغم كل الحروب التي اشتعلت لأسباب طائفية منذ القرون الإسلامية الأولى حتى القرن الماضي الذي شهد في أواخره حربين طائفيتين عبثيتين؛ هما الحرب اللبنانية، والحرب العراقية الإيرانية، ناهيكم عن الحروب الكلامية الطائشة والمستمرة منذ القرن الأول للهجرة حتى اللحظة الراهنة.

إذن ماذا يريد بالضبط قارعو طبول الحرب الطائفية؟ هل ستنتهي مشاكلنا التنموية والمجتمعية لو اعتنقنا جميعنا مذهبا دينيا واحدا؟ بمعنى آخر، أليست مشاكل الحياة ومصاعبها التي تواجه الفقير السنّي هي نفسها التي تواجه الفقير الشيعي؟ ما العلاقة ما بين المذهب الديني والخطط التنموية الاستراتيجية أو الديمقراطية أو الحريات العامة أو تحسين ظروف الحياة المعيشية في المجتمع ككل؟ أليست مطالب الإصلاحات الديمقراطية التي يطرحها الشعب الإيراني ذو الأغلبية الشيعية، والتي تتركز على عدم احتكار السلطة والثروة وإطلاق الحريات العامة والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، هي المطالب السياسية ذاتها التي تطرحها الشعوب العربية ذات الكثافة السنية؟

ليس ثمة شك أن مثيري الفتن الطائفية ومؤججيها، الذين قد يجدون الدعم والتشجيع من بعض دول المنطقة، ولاسيما تلك التي لديها أزمات سياسية داخلية عاصفة، يريدون أن يشغلوا شعوب المنطقة في أنفسهم من خلال إيجاد حالة من التوتر الطائفي المستمر والاحتقان المذهبي؛ حتى لو أدى ذلك في أي لحظة إلى اندلاع حرب طائفية عبثية أخرى لن تبقي ولن تذر.

بكلمات أخرى فإن بروز العامل الطائفي بقوة في هذا الوقت تحديدا له علاقة مباشرة بنوعية وتوقيت المطالبات الشعبية التي تنادي بالإصلاحات الديمقراطية المستحقة؛ سواء في إيران أو في دول الخليج العربية، خصوصا إذا ما عرفنا أن التهييج الطائفي الذي تطبل له أطراف متطرفة ويدعمه بعض المتنفذين قد يساهم، ولو بشكل مؤقت، في تشتيت الجهود الشعبية وتشويه صورة المطالبين بالإصلاحات السياسية والديمقراطية، والتي يشترك فيها فئات الشعب وطوائفه كافة.

لهذا فإنه يتعين علينا جميعا سنّة وشيعة أن نرفع صوتنا الوطني عاليا في وجه مثيري النعرات الطائفية ومؤججي الفتن المذهبية من كلا الطرفين، والتي وصلت في الآونة الأخيرة مع الأسف الشديد إلى درجة خطيرة جدا، لا يجب السكوت عليها أو التقليل من شأنها.

إن الحديث عن أن وضعنا المحلي مختلف عن وضع الدول التي نشبت فيها صراعات طائفية دامية هو حديث قاصر و»مأخوذ خيره»، إذ إن تسارع الأحداث الطائفية في إقليمنا بشكل مزعج، ووجود بذور الفتنة الطائفية وجاهزية من لديه الاستعداد من الطرفين في أن «يشعللها»، مدعوما من قبل بعض الأطراف السياسية المحلية المتنفذة القصيرة النظر التي تعتقد أنها ستستفيد سياسيا من الاحتقان الطائفي الحاد، كل ذلك قد يفجر الصراع الطائفي فجأة بشكل يصعب التحكم به، «فمعظم النار من مستصغر الشرر».

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة