سورية... حقيقة الاستهداف الخارجي!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
قد يكون هناك تنظيم معين قادر على استهداف سورية بعملية إرهابية أو أكثر، لكن ما هو غير ممكن على الإطلاق هو أن تستطيع جهة معينة, حتى إن كانت هذه الجهة الولايات المتحدة بكل جبروتها ومعها إسرائيل, أن تحرك مدناً سوريةً كاملةً على هذا النحو، وأن تنقل شرارة الاحتجاجات بكل هذه السهولة وبكل هذه السرعة من درعا حتى دير الزور، ومن دوما إلى اللاذقية وبانياس، ومن الصَّنمين إلى حلب والقامشلي.إنه ليس بإمكان قوة في العالم أن تحرك شعباً بأكمله أو أغلبيته، وبكل هذا الاتساع وهذه الشمولية ضد النظام الذي يحكمه لو أن العلاقة بين هذا الشعب وقيادته صحيحة وسليمة، فالقلاع لا يمكن أن تُحتَل إلا من داخلها، وحكاية حصان طروادة معروفة جيداً في هذه المنطقة، ولهذا فإنه كان من الأفضل والأسلم ومنذ اليوم الأول استبعاد حكاية «الاستهداف الخارجي» هذه واستبعاد هذه اللعبة الإعلامية الموغلة في التبسيط والسطحية التي تتحدث عن مسؤولية عصابات مسلحة, ربما هبطت من المريخ, عن كل هذا الذي جرى والذي لا يزال يجري وعمَّ كلَّ المدن السورية. قد يكون للولايات المتحدة بعض الاعتراضات على تدخل سورية في لبنان وفي العراق، لكن هذه الاعتراضات لم تصل وهي لن تصل إلى حد إشعال فتيل هذا الانفجار الشعبي الهائل الذي لا يستطيع لا الأميركيون ولا غيرهم التكهن بالنتاج النهائية التي ستترتب عليه، وما إذا كان سيأتي بنظام على رأسه مجموعة إرهابية أو مجموعة متطرفة، سيكون مصدر قلق وإقلاق لهذه المنطقة ومصدر تهديد للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط كله.وحتى بالنسبة لإسرائيل، فإنها أولاً غير قادرة على أن «تُثوِّر» الشعب السوري ضد نظامه على هذا النحو وبهذه السرعة، كما أنه ثانياً في غير مصلحتها استبدال هذا النظام بمجهول هي لا تعرفه قد يحول جبهة الجولان إلى جرحٍ نازف في الخاصرة الإسرائيلية وينهي هذا الهدوء المستمر بانضباطية شديدة منذ حرب أكتوبر عام 1973 وحتى هذه اللحظة... ولهذا وحرصاً على سورية العزيزة من أن تذهب إلى المجهول, إن بقي التعامل مع هذه الانتفاضة الشعبية بالرصاص وبالهروب إلى الخارج وبافتعال عدو وهمي يستهدف حصن «الممانعة» و»المقاومة», فإنه لا بد من الاعتراف بالحقيقة، ولا بد من مواجهتها بما يحفظ وحدة البلاد ويجنبها خطر التشظي والتقسيم الذي هو أبشع الأخطار وأكثرها مأساوية.كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة