لطالما سُئلت: «رغم كل ما كتبت، لم تُسجَن... كيف؟ ولماذا؟»، فأجيب: «أنا مثل بطل الفيلم الهندي، أقفز من الحصان إلى الزورق البحري لأخلّص حبيبتي من بين أيدي أفراد العصابة، ثم أطير فأمسك بالهيلوكبتر التي يقودها رئيس العصابة الذي يتاجر بالأطفال وغسل الأموال والأغذية الفاسدة، ثم أطلق من مسدسي طلقة واحدة إلى الوراء دون أن ألتفت فأقطع حبل المشنقة الذي يلتفّ حول رقبة صديقي، فتحاصرني العصابة، فأهرب، فيطلقون النار عليّ لكنهم لحسن الحظ لا يصيبونني! مئات الطلقات... آلاف الطلقات... طلقة تصيب «المزهرية» فتتناثر ورودها، وطلقة تصيب أطباق الأكل فتتحطم، وثالثة تصيب ماسورة المياه فتندفع مياهها بقوة إلى الأعلى فتغرق الشوارع، ورابعة وخامسة وسادسة، ومئات، وآلاف الطلقات، كلها تنفجر بالقرب من أقدامي، في حين أطلق أنا طلقات ثلاثاً، فقط ثلاثاً، كلها في «اللحم»... يحدث هذا دون أن أصاب بخدش واحد، ودون أن تتسخ ثيابي أو تتغير ملامحي، باستثناء شيء واحد... شعري الذي كنت أسرّحه إلى الخلف انهالَ على عينيّ».

Ad

لكن اليوم، وبعد أن قررت والشقيق سعود العصفور تدشين صحيفة «سبر» الإلكترونية، أظن أن نهاية الفيلم ستكون مأساوية، وأظن أن طلقات العصابة ستخترق كرعاني وكرعان الشقيق، وستنجو المزهرية وماسورة المياه، وأظن أنني وسعود سنتشرف بزيارة «بيت الخالة» على رأي السوريين، أي السجن، الذي سندخله بالرجل اليمنى... وإذا كان قانون النشر الإلكتروني، الذي سيسجننا، لم يُقرّ بعد، فسيتم سلقه سريعاً كِرْمال عيون الحلوين.

على أنني لن أدخل السجن قبل سعود، امتثالاً لقصيدة المرحوم والدي التي تحدث فيها عن «حقوق الخويّ»، أي الصديق، وشرح فيها أن «خويّك» إذا أراد أن يصعد إلى الأعلى فعليك أن تخفض منكبيك ليضع قدميه عليهما، وإذا أراد أن يتقدم فعليك أن تتمهل في مسيرك، وإذا وإذا وإذا، بشرط أن يكون الخوي كفؤاً... وسعود خويٌّ كفؤ، لذا سأتمهل في مسيري ونحن في طريقنا إلى السجن.

والصحافة مرض لا شفاء منه، أو هي وجبة كلما تناول الصحافي قضمة منها زادت شهيته لها، لكنه لن يصل حد التخمة أبداً... وفي «سَبْر» قد يموت البطل الهندي قبل نهاية الفيلم، ويُحرق جثمانه، وقد ينجو من الموت لكن كرعانه لن تنجو من الرصاص الحي بالتأكيد.

الأيام القادمة من هناك... ستفتح «مصَرّها» وتكشف ما تُخبئه.

***

لم أشاهد «زواج القرن»، لكنني قرأت أن العروس «كيت» رفضت «قَسَم الكنيسة» الذي يجبرها على «طاعة زوجها»، من باب أن الأمور يجب أن تسير بالنقاش لا الطاعة العسكرية العمياء، مع التزامها «باحترام زوجها وحبه والمحافظة على شرفه»، وهو تصرف سبقتها إليه أم المعرس ديانا سبنسر، ما دفع الملايين حينذاك إلى تحيتها والإعجاب بتصرفها.

أن تطيع زوجها أو تغسل قدميه أو تضربه بالملّاس أو أو أو هذه أمور بين البصلة وقشرتها، ولست من «الباباراتزي» كي أهتم بمثل هذا... ما يهمني هو رفضها أداء القسم احتراماً لمكانة القسم وهيبته. وهو ما دفعني إلى التساؤل: «لماذا لا يرفض بعض نوابنا ووزارئنا القسم الدستوري إذا كانوا يمسحون بطونهم ويفركون كفوفهم استعداداً للهبر؟»، لا تقسموا يا سادة ويا سيدات، اهبروا على الناشف، إني لكم من الناصحين.

وبارك الله في هذه العروس الصادقة وحمى أختها الصغرى المزيونة... العسل قطفة أولى.