جاسم الصالح... فنّان اكتشفته المصادفة ممثلاً
الفنان جاسم عبد الله الصالح من مواليد الكويت عام 1936، له عشرة أولاد، ستة منهم ذكور. برزت ميوله الفنية منذ طفولته، وشارك في تمثيليات كانت تُعرض ضمن أنشطة فريق التمثيل في المدرسة بإشراف عبد الصمد التركي، مدرّس التربية الإسلامية ووالد الكاتب المسرحي عبد الأمير التركي، وركز على أداء الأدوار الدينية. مع مطلع شبابه اتجه إلى كرة القدم، هوايته المفضلة، وانضم إلى صفوف نادي «العروبة» («العربي» راهناً)، بالإضافة إلى هواية «الحداق» التي مارسها طوال حياته. عشق الصالح المسرح، من خلال متابعة الفنانين أحمد الصالح (شقيقه) وعبد الرحمن الضويحي. في البداية عارض والده دخوله الفن، لكنه ما لبث أن اقتنع ووافق عندما شاهد أحمد في مسرحية «سكانه مرته» التي قدّمتها «فرقة المسرح الشعبي» (1964) على خشبة مسرح كيفان، تأليف عبد الرحمن الضويحي وإخراجه.
حمادي البهلوانخطوة الصالح الفنية الأولى كانت مع «فرقة المسرح الشعبي»، وجاءت بالصدفة ومن دون تخطيط مسبق. كان آنذاك يتولى إيصال وجبة الغداء لأخيه أحمد في «فرقة المسرح الشعبي» ظهر كل يوم جمعة، فسمح له ذلك بالارتباط بعلاقات وثيقة مع أعضائها، وفي إحدى المرات التقى الفنان عبد الرحمن الضويحي صدفة، فطلب منه هذا الأخير أن يمثل معه في مسرحيته الجديدة «كازينو أم عنبر» التي كتبها للفرقة وأخرجها، وكان ذلك عام 1966 أي في العام نفسه الذي توفي فيه والده، فوافق الصالح فوراً وعُرضت المسرحية على خشبة مسرح كيفان وشارك فيها: عبد العزيز النمش، مريم الغضبان، عبد العزيز المسعود، إبراهيم الصلال، أحمد الصالح، مريم الصالح وأحمد مساعد...كان المخرج عبد الرحمن الضويحي عندما يكتب نصه المسرحي يختار الممثل المناسب لكل دور فيه، فاختار لجاسم الصالح دور «حمادي البهلوان» الذي تقاضى عنه 75 ديناراً. علق الصالح على هذا الأجر في حوار صحفي بقوله: «لم نكن نفكّر بالمردود المادي كما هي الحال اليوم»، وشارك من ثم في المسرحيات التي قدّمتها الفرقة وفي إحدى مشاركاته كسر رجله، فقال عن تلك الحادثة: «كان ذلك في مسرحية «4-1» على خشبة مسرح كيفان وكانت أمي، رحمها الله، تحضر العرض كذلك الفنان عبد الحسين عبد الرضا، وفي أثناء تحرّكي على المسرح خلال حوار بيني وبين فيحان العربيد، تعثرت وسقطت على الأرض وانكسرت رجلي، فظن الجمهور أن سقوطي جزء من العرض، غير أن عبد الحسين عبد الرضا عرف الموضوع بخبرته وركض إلى الكواليس بعدما سحبت نفسي إلى خارج الخشبة، ولم ألبث أن فقدت الوعي وما إن استعدته حتى وجدت نفسي في المستشفى. ظل الجبس في رجلي أربعة أشهر، وأكمل الدور عني عبد الإمام عبد الله الذي أصبح نجماً لامعاً في ما بعد».شارك الصالح في مسرحيات مع فرق أخرى من بينها: «يسوونها الكبار» إخراج حسين الصالح الدوسري، «صادوه» بطولة عبد الله الجبيل وإخراجه، «علي جناح التبريزي وتابعه قفة»، تأليف الفريد فرج وإخراج صقر الرشود، و{الواد ده كويتي» ( 1996).مع «فرقة المسرح الشعبي»شارك الصالح في سلسلة من المسرحيات مع «فرقة المسرح الشعبي» من بينها: - «روزنامة»، عُرضت في 21 يناير (كانون الأول) 1970 على خشبة مسرح كيفان، تأليف عبد الرحمن الضويحي وإخراجه، مع إبراهيم الصلال وطيبة الفرج وعبد العزيز المسعود وأحمد الصالح.- «ألبوم»، عرضت في 30 يناير (كانون الأول) 1971 على مسرح كيفان، إعداد دخيل البحيري، إخراج عبد العزيز الفهد، مقتبسة عن مسرحية «جسر آرتا» للكاتب اليوناني ثيوتوكا، مع أحمد الصالح، جاسم النبهان، حياة الفهد، عبد العزيز المسعود، أحمد مساعد، عبد الله الحشاش.- «ثور عيده»، عرضت في 5 ديسمبر (كانون الأول) 1972 على مسرح كيفان، تأليف إبراهيم الهنداوي، إخراج عبد العزيز الفهد، إعداد اللجنة الثقافية، مع أحمد الصالح، مريم الغضبان، جاسم النبهان، حسين غلوم، مكي القلاف، مريم الصالح.- «ضعنا بالطوشة»، عُرضت في 20 مارس (آذار) 1974 على مسرح كيفان، تأليف صالح موسى، إخراج عبد الأمير مطر، مع أحمد الصالح، جاسم النبهان، أحمد مساعد، مكي القلاف، عبد الرحمن العقل.- «ورطة خريج» عرضت في 2 يونيو (حزيران) 1976، تأليف حمد السبع، إخراج عبد الرحمن الضويحي، مع أحمد الصالح، جاسم النبهان، حسين غلوم، مكي القلاف، فيحان العربيد، وعبد العزيز المسعود.- «رأس المملوك»، عُرضت في 2 يناير (كانون الأول) 1977 على مسرح كيفان، تأليف سعد الله ونوس، إخراج أحمد عبد الحليم، مع أحمد الصالح، أحمد مساعد، جاسم النبهان، عبد الإمام عبد الله، عبد الله غلوم.- «المتنبي يجد وظيفة»، عرضت في 21 فبراير (شباط) 1979 على مسرح عبد العزيز المسعود، تأليف عبد السميع عبد الله، إخراج أحمد عبد الحليم، مع أحمد الصالح، جاسم النبهان، إبراهيم الحربي، أحمد مساعد، فيحان العربيد، عبد الإمام عبد الله، د. نادر القنة، رضا علي حسين، أحمد الهزيم، محمد الفهد.- «العاجل يقول أنا»، عرضت في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1979 على خشبة مسرح كيفان، تأليف فوزي الغريب، إخراج جاسم النبهان، مع أحمد الصالح، إبراهيم الحربي، عصرية الزامل، مريم الصالح.- «صبيان وبنات»، عرضت في 13 فبراير (شباط) على مسرح كيفان، تأليف جاسم الزايد، إخراج عبد الأمير مطر، مع أحمد الصالح، إبراهيم الحربي، عبد الرزاق خلف، عبد الله غلوم، عبد الإمام عبد الله، عائشة إبراهيم.- «المهرّج»، عرضت في 30 ديسمبر (كانون الأول) 1980 على خشبة مسرح كيفان، تأليف محمد الماغوط، إخراج أحمد مساعد، مع أحمد الصالح، إبراهيم الصلال، جاسم النبهان، ابراهيم الحربي، عبد الرزاق خلف، محمد الفهد، رضا علي حسين، عبد الإمام عبد الله.* 3»، عُرضت في 9 سبتمبر (أيلول) 1981 على خشبة مسرح كيفان، تأليف رضا علي حسين، إخراج جاسم النبهان، مع أحمد الصالح، عبد العزيز النمش.- «حكمت محكمة السلطان»، عرضت في 8 فبراير (شباط) 1982 على مسرح كيفان، تأليف الكاتب الإنكليزي جيمس فوكنر، إخراج نجم عبد الكريم، إعداد اللجنة الثقافية، مع أحمد الصالح، جاسم النبهان، سمير القلاف، عبد الرزاق خلف، محمد الفهد، أسمهان توفيق، رضا علي حسين.- «صبوحة»، عُرضت على خشبة مسرح كيفان، إعداد صالح البدري، إخراج أحمد مساعد، فكرة مصطفى بهجت، مع أحمد الصالح، جاسم النبهان، إبراهيم الحربي، داود حسين، مريم الصالح، إبراهيم الصلال.- «سندريللا والأمير»، عُرضت في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 1981 على خشبة مسرح كيفان، تأليف السيد حافظ، إخراج دخيل الدخيل، مع أحمد الصالح، زهرة الخرجي، إبراهيم الحربي، سالم العطوان.- «كماشة»، عُرضت في 24 فبراير (شباط) 1987 على مسرح كيفان، تأليف عبد العزيز الحداد وإخراجه، مع إبراهيم الصلال، أحمد الصالح، إبراهيم الحربي، سالم العطوان، جاسم عباس، عبد الرزاق خلف، زهرة الخرجي، رضا علي حسين.- «بيبي والعجوز»، عرضت في 29 سبتمبر 1988 على خشبة مسرح الدسمة، تأليف السيد حافظ، إخراج حسين المسلم، مع أحمد الصالح، سالم العطوان، محمد الفهد، عبير الجندي والطفلة عذاري حسين المسلم.- «ليش»، عُرضت في 19 أبريل (نيسان) 1990 على خشبة مسرح التحرير في كيفان، تأليف فوزي الغريب، إخراج حسين المسلم، مع سمير القلاف، سالم العطوان، نواف الشمري.- «شرباكة»، عُرضت في ديسمبر (كانون الأول) 1996، تأليف عبد الله الرويشد، إخراج جاسم النبهان، مع حسين البدر، خليفة عمر خليفوه، عبد الله غلوم، أحمد الهزيم. - «طار برزقة»، عُرضت عام 2001 ضمن فاعليات «مهرجان الكويت المسرحي» ثم «مهرجان المسرح الخليجي للفرق الأهلية» في الدوحة، تأليف فطامي العطار، إخراج جهاد العطار، مع جاسم النبهان، إبراهيم القطان، سالم العطوان، عبد الإمام عبد الله، خالد الطرموم.- «إعدام أحلام عبد السلام»، عُرضت في «مهرجان الكويت المسرحي» (2004)، تأليف فطامي العطار، إخراج حسين المسلم، مع عبد الإمام عبد الله وسالم العطوان وعبير الجندي.- «اللعبة»، عُرضت في «مهرجان القاهرة التجريبي الدولي» (1998)، تأليف د. خالد عبد اللطيف رمضان، إخراج جهاد العطار، مع إبراهيم الصلال، عبد الإمام عبد الله، أحمد الصالح، جاسم النبهان، إبراهيم القطان، رشا مصطفى، منامة، رضا علي حسين.دراما تلفزيونيّةعن مشاركاته التلفزيونية، قال الصالح في حوار صحفي: «شاركت في بعض مسلسلات التلفزيون في العصر الذهبي للحركتين الثقافية والفنية في الكويت. آنذاك كانت الدراما الكويتية في أوجها ونتجت منها روائع درامية مثل مسلسلي: «درب الزلق»، و{حبابة» الذي أفتخر به كثيراً، إذ كان عملا درامياً رائعاً وعلامة بارزة في تاريخ إنتاج تلفزيون الكويت».عن كيفية مشاركته في التلفزيون، أضاف: «كان الفنان المخرج حمدي فريد، يحرص على حضور الكثير من المسرحيات، ولما شاهدني تحدث معي كي أشاركه في تمثيل مسلسل «حبابة» مع حياة الفهد ومحمد المنصور وأحمد الصالح وفيحان العربيد وكان دوري فيه المارد».من ثم توالت مشاركاته في مسلسلات من بينها: «الصقرين»، «رحلة العجائب»، «الشاطر حسن»، «الحب يأتي متأخراً»، «طش ورش» إخراج علي حسين، «مرآة الزمان» إخراج عبد الرحمن المسلم، «حكم الزمن»، إخراج كنعان حمد، تأليف براك الحريتي، مع إبراهيم الحربي، محمد العجمي، زهرة عرفات، لطيفة المجرن، تتناول هذه الدراما الطمع والجشع من أحد أفراد الأسرة وتنتقل في ما بعد إلى الأبناء.نهاية المشواركُرّم الصالح في «مهرجان الخرافي الخامس للإبداع المسرحي» عام 2008 وذلك قبل حوالى عام من وفاته في 3 ديسمبر (كانون الأول) 2009 بعد معاناة طويلة مع المرض.من أقواله • «لا شك في أن رحلتنا إلى تونس كانت ناجحة ومفيدة، إذ كان لاحتكاك الفنانين التونسيين بإخوانهم الفنانين الكويتيين أثر بالغ في النفوس واكتسبنا بنتيجته فائدة كبيرة. بالطبع حقق هذا الأسبوع أهدافه المرجوة ونتائج إيجابية إضافة إلى إعطاء الجمهور التونسي صورة عن الفن الكويتي». • «الأدوار التي أميل إليها هي أدوار العنف أو بالأحرى أدوار الشرّ، ستجد هنا أن ميلي إلى دور الأب العطوف الحنون فيه تناقض كبير بين اللونين». • «كان المسرح سابقاً يعتمد على الارتجال، أما الآن فتغيّر الوضع، إذ نجد فيه أسساً ومفاهيم فنية ونصاً يضفي قيمة فنية وإمكانات وتقنيات عالية». • «أتمنى للمسرح في الكويت التوفيق والنجاح والاستمرارية وتقديم أعمال فنية جادة مع التزام الإخوان الفنانين في أي عمل يقدّمونه». • «مثلت أدواراً مختلفة من بينها: المارد في مسلسلي «الشاطر حسن» و{حبابة»، السجان في مسرحية «علي جناح التبريزي وتابعه قفة» إلى مجموعة من مسلسلات الأطفال، غير أن هذه الأدوار لم تبرز طاقاتي كممثل لأنها اعتمدت على شكلي فحسب، ما دفعني إلى رفض هذه النوعية من الأدوار، لذلك تجدني بدأت التغيير، ففي مسلسل «رحلة العجائب» أديت دور العم سالم الرجل الخيّر المعارض للشر وهو نقلة في أدائي». • «مسرح الطفل فن جميل أفضّله على الإذاعة والتلفزيون ولي باع فيه، شاركت مسرحية «بيبي والعجوز» في مهرجان الفن في بغداد ولاقت إقبالاً جماهيرياً على رغم إقليمية العمل الذي يناقش قضية الخدم وتأثيرها على تنشئة الطفل، لكن للأسف لم تصادف هذه المسرحية إقبالا جماهيرياً في الكويت، مع أنني أعتبرها أفضل مسرحية قدمتها على مسرح الطفل». • «ظاهرة استلمني واستلمك أو الخروج على النص غير حضارية يعاني منها مسرحنا وأنا لا أحبذها، فاستدرار الضحك على حساب كرامة الممثل وشكله أمر غير جائز وقد يعود إلى ضعف النص أو نرجسية أو محاولة كسب اهتمام الجمهور، بذلك يناقض دور المسرح الاجتماعي كوسيلة تعليمية بالفطرة، وهو سبب رفضي خوض تجارب كثيرة نتائجها معروفة لدى الصحافة والجمهور». • «الفنان التزام والالتزام لا بد منه، إذا كنت أنا فنان وأحارب الفنان الذي يخرج عن النص على الخشبة فهل يجوز ألا أطبق الالتزام على نفسي؟».• «لست ضد الخروج عن النص إنما بحدود وهي عدم خدش أو تهديم النص الأساسي، ثمة أحكام للخروج عن النص في بعض الدول، لأنه قد ينتج عنه فشل العمل كله». • «اعتدت منذ انتسابي كعضو عامل في «فرقة المسرح الشعبي»، عدم المشاركة في أي عمل فني خارج الفرقة إلا بعد الحصول على موافقة خطية من مجلس إدارتها، ويكون طلب المشاركة هذا محدداً من أصحاب العمل بمدة معينة لا تحتاج إليّ فرقتي فيها». • لعل من أهم أسباب عجز المسارح الأهلية عن تقديم أعمال مسرحية ارتباط الأعضاء بمشاريع خاصة من دون علم الفرقة. • نحن كفنانين ليست لدينا جهة تنصفنا أو تلبي طلباتنا واحتياجاتنا، إذ نفتقر إلى الاهتمام بالفن والفنان. • يؤدي الفنان رسالة سامية يقدمها للناس ويطرح قضايا سواء من خلال التلفزيون أو الإذاعة، أو المسرح خصوصاً فهو مدرسة وأبو الفنون. • عملية اختيار الأدوار هي من مهمة المخرج، بالنسبة إلي لا أرفض دوراً أراه جيداً وجديداً ويمكن أن يضيف إلي. • «أطالب الشباب بالابتعاد عن الغرور والالتزام بالمواعيد والوقت والتعامل مع الفن باحترام ليستطيعوا الوصول إلى ما يطمحون إليه». • «وجود المنتج المنفذ فكرة جيدة في حال كان ينفق على العمل الفني بصورة جيدة، خصوصاً أن كثراً يسيئون التصرف». • «العصر الذهبي للمسرح الكويتي كان في السبعينيات، آنذاك كانت ثمة لهفة كبيرة من الجمهور لحضور مسرحية. أما اليوم فتغيّر الوضع نحو الأسوأ ولا يطيق الجمهور حضور مسرحية على مدى ساعتين، والأدهى من ذلك كله هو أن ثمة من استخدم المسرح بصورة لا تليق بماهية هذا الأخير، ناهيك عن الألفاظ الإباحية التي تخدش حياء الأسر التي تقصد المسرح لمشاهدة مسرحية محترمة». • «المسرح التجاري يبحث عن الربح المادي فحسب، غير أن الفنان الحقيقي هو الذي يقدّم فناً راقياً ورسالة وعي في المجتمع، عندها لا ضير من أن يحقق ربحاً مادياً».