بينما أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية عزمها عدم التجديد لسفيرها الحالي في القاهرة إسحاق ليفانون بناءً على رغبته، أعلنت في نفس الوقت ترشيحها للدبلوماسي يعقوب بن إيميتاي خلفاً له.

Ad

وطبقاً لمصدر دبلوماسي قام ليفانون في الأيام الماضية بعدة زيارات "مثيرة ومستفزة" كان أولها يوم الثاني من أكتوبر، إذ قام بزيارة الجاسوس المصري - الإسرائيلي سليمان ترابين المحكوم عليه بالسجن 15 عاماً، وفي 4 أكتوبر تقدم بطلب لزيارة الجاسوس المصري عماد عبدالحميد شريك الجاسوس المصري عزام عزام والمسجون أيضاً مدة 15 عاماً، لكنه قوبل بالرفض، بالإضافة إلى زيارتين لمقام أبوحصيرة في محافظة البحيرة، الأولى يوم السابع من أكتوبر، والثانية يوم الثامن من أكتوبر خلال رحلة ذهابه وإيابه من الإسكندرية إلى القاهرة، وعدد من المزارات اليهودية في القاهرة يوم 11 أكتوبر، واختتمها بزيارة لأعضاء الجالية اليهودية المصرية في نفس اليوم.

قرار ليفانون بعدم التجديد له نابع من إحساسه بالرفض الشعبي والرسمي له في مصر، كما أنه فشل في تحقيق أي من بنود أجندته الدبلوماسية التي أوفد من أجل تحقيقها وعلى رأسها تحقيق التطبيع الثقافي والإعلامي بين تل أبيب والقاهرة، وكسر حاجز العزلة الثقافية والرفض المصري الشديد للتبادل الثقافي بين مصر وتل أبيب.

كما واجه ليفانون خلال فترة إقامته في القاهرة عدداً من المواقف الغريبة التي تترجم هذا الرفض الشعبي للوجود الإسرائيلي في مصر، إذ طُرِد خلال فترة وجوده في القاهرة مدة عام تقريباً من 3 ملاهٍ ليلية ومطعم شهير في المعادي، ورفض رواد هذه الأماكن وجوده بعد أن علموا حقيقة هويته، كما أقام ليفانون أكثر من مأدبة طعام ودعا إليها المثقفين والصحافيين، إلا أن أحداً لم يُلب دعوته، وكانت آخرها مأدبة إفطار في آخر شهر رمضان الماضي.

أما بن إيميتاي الذي أعلنت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية ترشيح خارجية بلاده له خلفاً لليفانون، فقد أخطرت الخارجية المصرية السلطات الأمنية المختصة بالبحث والتحري حول سيرته الذاتية والإفادة بالموافقة الأمنية من عدمه للرد على الخارجية الإسرائيلية عند تقديم أوراق ترشيح السفير الجديد في مارس المقبل.

وصرح مصدر دبلوماسي مصري لـ"الجريدة" بأنه طبقاً للمعلومات المبدئية لدى وزارة الخارجية المصرية فإن بن إيميتاي عمل في السابق كسفير إسرائيلي لدى إثيوبيا، وكان له إسهامات ضخمة في توطيد العلاقات الإسرائيلية - الإثيوبية، كما كان له السبق في تطوير العلاقات بين كل من تل أبيب ومعظم دول حوض النيل سواء علاقات تجارية أو سياسية التي تدخل في خلاف حالياً مع كل من مصر والسودان، بسبب تعديل اتفاقية تقسيم مياه النيل من جديد، وتغيير حصة مصر التاريخية من المياه.

الدعم العسكري لإثيوبيا

وأشرف بن ايميتاي بنفسه على الدعم العسكري الإسرائيلي لإثيوبيا عام 1983، وحينئذ قدمت إسرائيل إلى إثيوبيا دعما عسكريا في مجال الاتصالات والتدريب، إذ قامت إسرائيل بتدريب الحرس الرئاسي التابع لمنجستو هيلامريام والموظفين التقنيين الذين يعملون مع الشرطة، وقدر عدد المستشارين العسكريين الذين أرسلتهم إسرائيل إلى إثيوبيا بنحو 300 عنصر، بالإضافة إلى 38 طياراً إثيوبياً نُقِلوا إلى إسرائيل لغرض التدريب، وكان له الفضل الأكبر في ترحيل "الفلاشا" (يهود إثيوبيا) من إثيوبيا إلى إسرائيل، كما نجح عام 1989 في وضع الصيغة النهائية لاتفاق يقضي بتقديم المزيد من المساعدات العسكرية إلى إثيوبيا، بالإضافة إلى التنسيق والتعاون في مجال الاستخبارات، الأمر الذي يمكن لـ"الموساد" الإسرائيلي أن ينشط في المنطقة تحت غطاء إثيوبي.

وفي عام 1990 ازدهرت العلاقة بين الجانبين، بعد أن قدمت إسرائيل مساعدات إلى أديس أبابا في شتى المجالات العسكرية من بينها 150 ألف قطعة من البنادق والقنابل العنقودية، وأرسلت عدداً من المستشارين والمدربين من أجل العمل مع وحدات الكوماندوز الإثيوبية، وزودت أيضاً سلاح الجو الإثيوبي بكاميرات المراقبة، وكان المشرف العام على جميع هذه الصفقات يعقوب بن إيميتاي أيضاً.    

 ومع بداية عام 2000 كثف بن إيميتاي مجهوداته لدعم العلاقة بين الجانبين بشكل أكبر حتى ترقى إلى المستوى الاستراتيجي والذي يتمثل في المحاور التالية: مياه النيل، تقوية التوازن الديموغرافي لليهود في أرض فلسطين، تطويق عدد من الدول العربية، جعل إثيوبيا البوابة التي تدخل منها إسرائيل إلى القارة السمراء.

ولم يمر العام الثاني من الألفية الجديدة، إلا وأثمرت جهود بن إيميتاي، وتوسعت الأنشطة الإسرائيلية في منابع وادي النيل ولم تعد إثيوبيا تتستر على إشراك إسرائيل في مشاريع حوض النيل، إذ أكد وزير الري الإثيوبي شفراو جارسو التعاون بين إثيوبيا وإسرائيل في مشاريع حوض النيل في تصريح له في ختام الاجتماع الوزاري التاسع لوزراء الري والمياه للدول العشر في حوض النيل المنعقد في القاهرة 12 يناير2002.

وانتقلت إسرائيل إلى العمل المباشر بإرسال خبراء إلى كل من إثيوبيا وأوغندا لإجراء أبحاث تستهدف إقامة مشروعات للري على النيل تستنزف ما يقارب 7 مليارات متر مكعب من مياهه.