دعا المشاركون في ندوة "واقع القوى السياسية" التي أقيمت في ديوانية المرحوم سامي المنيس إلى زيادة التنسيق بين القوى السياسية، من أجل إنجاز قانون إشهار الأحزاب السياسية وتنظيم عملها، مؤكدين أن الحكومة نجحت بامتياز في تفتيت أي بصيص أمل لخروج تنظيمات سياسية ذات أيدولوجية من خلال تعزيز النفَس الطائفي والقبلي في المجتمع.

Ad

 في البداية أكد النائب صالح الملا أن الكويت تخلو من القوى السياسية المنظمة والفاعلة، مشيراً إلى أن الواقع الذي نعيشه يؤكد ذلك، فكل تنظيم سياسي يفترض به أن تكون به إجراءات تنظيمية مختلفة داخلية لتوحيد الموقف والكلمة ودعم كل عناصر هذا التنظيم وهو ما نفتقده.

وقال الملا في ندوة أقيمت بديوانية المرحوم سامي المنيس، إن الحكومة ناجحة منذ الثمانينيات حتى اليوم بامتياز في تفتيت أي بصيص امل لخروج أي تنظيم سياسي ذي أيدلوجية ورؤية ولا أدل على ذلك من إذكاء روح القبلية والطائفية، معتبراً أن الانتخابات الفرعية اختراع حكومي 100 في المئة، لافتا إلى أن أول انتخابات فرعية كانت طائفية في الثمانينيات لدرجة أن تلفزيون الكويت كان ينقل منذ فترة قريبة أحداث هذه الانتخابات، بل إن الصناديق الانتخابية كانت تحرز من قبل رجال الأمن.

وأشار الملا إلى أنه تقدم في مجلس 2008 مع عدد من النواب باقتراح بقانون لإقرار الأحزاب السياسية، والذي ظل في أدراج اللجنة التشريعية، ولم يكن من ضمن أولوياتها، "وأعدناه مرة أخرى خلال المجلس الحالي، وللأسف فإن القانون لم تقدمه "التشريعية" إلى لجنة الأولويات، بل إن الأمر وصل إلى أن هناك نواباً من داخل المؤسسة التشريعية ينتقدون أي بارقة أمل لأي تنظيم سياسي كما تبين في تصريحات البعض على الانتخابات الأخيرة للاتحاد الوطني الديمقراطي، مؤكدا أن المقترح بقانون الأحزاب السياسية لن يحظى بأكثر من 6 أو 7 أصوات وسط هذه الأجواء.

وأوضح أن الواقع داخل مجلس الأمة يبيّن أن هناك 3 أو 4 مواقف للكتل السياسية تجاه القضايا المختلفة، ما يدل على غياب الرؤية والتنسيق بين التنظيم السياسي نفسه، مؤكدا أن الحركة الدستورية الإسلامية التنظيم الأكثر تماسكا وقدرة على مواجهة الصدمات والأكثر دعما ماديا كقواعد شعبية ورغم ذلك نجد نوابها منقسمين تجاه القضايا في المجالس السابقة خاصة مجلس 2008.

وبيَّن الملا أن كل القوى السياسية البرلمانية تخاطب القواعد الانتخابية التي ينتمي إليها بما فيها القوى الوطنية التي انقسمت بدورها تجاه المواقف والقضايا كما حدث في الموقف من المصفاة الرابعة وصفقة الداوكيميكال.

 وشدد الملا على أن إقرار الدائرة الانتخابية الواحدة دون أن يكون هناك إشهار للأحزاب السياسية سيكون كارثة بكل المقاييس، لافتاً إلى أن الوضع القائم أفضل بكثير من وجود دائرة واحدة بلا أحزاب.

واختتم الملا بتأكيد ضرورة إقرار الأحزاب السياسية ومشاركة القوى السياسية الواعية في الحكم وبدء العملية من المدارس وزرع ثقافة المجتمع الواحد لنبذ النفَس الطائفي والقبلي للمساهمة بشكل فاعل في إعادة الحياة السياسية الجميلة للكويت كما كانت في الستينيات والسبعينيات.

 من جهته أشار الكاتب الصحافي أحمد الديين إلى أمرين برزا في الآونة الأخيرة، موضحاً أن الأمر الأول يتمثل في العبث المستمر في النسيج الاجتماعي الوطني الكويتي، ما أدى إلى تمزقه وتفكيكه طائفيا وفئويا وقبليا ومناطقيا على نحو مقلق لما يمكن أن تؤول إليه الأمور.

وأضاف أن الأمر الثاني هو نهج مستحدث يعتمد الملاحقة القانونية للمعارضين والخصوم السياسيين لسمو رئيس الوزراء من كتاب وناشطين سياسيين ونواب سواء داخل الكويت أو خارجها.

وأوضح الديين أن الكويت عرفت الحياة الحزبية والتنظيمات السياسية منذ وقت مبكر، وكان الشيخ مبارك الصباح أول حزبي في الكويت، إذ كان عضوا في حزب الحرية والائتلاف العثماني، فلقد شكل الكويتيون الكتلة الوطنية التي تأسست عام 1938، وكانت وراء تأسيس المجلس التشريعي، وفي عام 1947 نظمت أول شعبة للإخوان المسلمين على يد المرحوم عبدالعزيز المطوع، وفي الخمسينيات نجح د. أحمد الخطيب في تأسيس حركة القوميين العرب، مشيراً إلى وجود البعث والتنظيمات اليسارية على الساحة، وإن كانت تمارس أنشطتها بصورة سرية، إلى أن تأسست الرابطة الكويتية عام 1958 بصورة علنية بقيادة جاسم القطامي، ولكنها لم يقدر لها أن تستمر طويلاً.

وبيَّن أن فترة ما بعد التحرير شهدت نقلة مهمة ونوعية في تاريخ التنظيمات السياسية والتي تمثلت في تأسيس المنبر الديمقراطي الكويتي في 2 مارس عام 1991 كأول تنظيم سياسي معلن في الكويتي، ولحقت به الحركة الدستورية الإسلامية في نهاية شهر مارس من نفس العام، ثم توالت الحركات السياسية في إعلان وجودها، ومن بينها التجمع الإسلامي الشعبي الذي أصبح لاحقا التجمع الإسلامي السلفي، والتحالف الإسلامي الوطني الذي عُرِف بعد ذلك بالائتلاف الإسلامي الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة السلفية العلمية، وحزب الأمة وعدد من التشكيلات الأخرى على الصعيد الشيعي مثل التحالف الإسلامي الوطني، والميثاق، ودار الزهراء والرسالة الإنسانية، مشيرا إلى أن بداية الكتل النيابية كانت مع بداية عام 2001 بظهور كتلة العمل الشعبي وكتلة العمل الإسلامي، ثم كتلة العمل الوطني، التي كانت تعمل تحت مسمى (7+1).

وأوضح أنه كان من المفترض أن يكون نظام الدوائر الخمس ساحة أرحب للعمل السياسي، إلا أن المفارقة هي تقلص وجود التنظيمات والكتل السياسية على صعيد التمثيل النيابي إلى النصف، مما كرس النهج الفردي في العملية النيابية، منتقداً تركيز القوى السياسية بصفة عامة على العمل البرلماني كنشاط أساسي مما حول القوى السياسية إلى تجمعات انتخابية.