الكويت كانت، ومازالت، تزخر بالكفاءات والرجال المخلصين الذين عملوا، ومازالوا، يعملون بإخلاص المؤمن، واجتهاد المجد، وبذل الكريم، وعطاء المحب، يبنون ولا ينتظرون من أحد حمداً ولا شكراً، فقد زرع فيهم الله تعالى حب العمل والسعي إلى الإنجاز، ومن حسن حظي أن صادفت في حياتي العملية بعضاً من أولئك الرجال، وعملت معهم وتعلمت منهم. ومن هؤلاء الذين لا يمكن أن أنسى فضلهم ولا جدهم وجهدهم في مسيرتهم العملية وحبهم لوطنهم... أستاذي ورئيسي السابق في العمل محمد إبراهيم العسكري أمين عام مجلس الأمة الأسبق، الذي تشرفت بالتتلمذ على يديه والعمل مساعداً له، والذي لم يُشعرني ولا ليوم واحد من السنوات التي عملت معه فيها، أنه رئيسي ومسؤولي، بل كان طوال فترة عملنا معاً زميلاً وأخاً وصديقاً، يستشيرني حتى في الأمور التي له باع أطول من باعي فيها، ويشجعني على إبداء رأيي ويفتح صدره لكل اقتراح، ويتحمس لكل فكرة جديدة، لم يحتكر القرار الإداري، ولم يضيق دائرة الصلاحية على مَن حوله، كان شديد التواضع، رغم عزة نفسه، وكان عظيم المودة لكل زملائه، يسأل عن الصغير قبل الكبير، لا يمل من عمله، ولا يشتكي من طول دوامه، ولا يستطيع أن يؤجل عمل اليوم إلى الغد، كان أجلدنا على الشغل، وأصبرنا على مواجهة المشاكل، يحبه الجميع ويحب الجميع، قضى كل عمره في بناء المؤسسة التشريعية، وخرج منها برغبة منه، وإيمان بأن لكل جيل الحق في القيادة، وأن احتكار السلطة يمنع التطوير ويقتل الطموح والحماسة، إنه أحد الرجال الذين يستحقون الإجلال والتقدير والتكريم في حياتهم وتسجيل سيرتهم ليتعرف عليها الشباب ويتأسون بها، لكننا في الكويت وللأسف الشديد لا نذكر طيب الناس، ولا إبداعاتهم، وتضحياتهم ونجاحاتهم، ولا نكتشف بصماتهم ونتعرف على تاريخهم إلا بعد أن نفقدهم ونودعهم.

إن الأستاذ الكريم محمد إبراهيم العسكري كان أحد المؤسسين الذين وضعوا بأيديهم أساس هذا الصرح الكبير، ولهذا كله فإنني وبهذه المناسبة أرجو من الأخ العزيز جاسم الخرافي والأمين العام علام الكندري أن يجدا المناسبة لتكريمه وتقديره، فإن الأوسمة لم تصنع إلا لأمثال الأستاذ الكبير محمد إبراهيم العسكري.

Ad

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة