استراتيجية بتريوس... «بناء دولة» بطيء ودموي في قندهار

نشر في 15-10-2010
آخر تحديث 15-10-2010 | 00:01
يناضل الأميركيون بمفردهم من أجل إعادة بناء الهيكل القبلي المدمر في إقليم قندهار عبر حمل شيوخ القرى على التعاون مع إدارة الدولة وقوات الأمن العديمي الخبرة، ويتطلب هذا الأمر جرأةً كبيرة على حد اعتراف قوى التحالف.
 إيكونوميست لا شيء يبهر في مظهر الحاج بيرداد، العاجز الأدرد والبالغ من العمر 80 عاماً، لكن الجنود الأميركيين في قرية أرغنداب الشمالية في إقليم قندهار يتوددون إليه على الدوام، واعدين إياه ببناء مدرسة ومسجد لقريته كوهاك، ذلك لأن الحاج بيرداد حليف مهم بالرغم من الوهن الذي يبدو عليه. فمنذ أخبر الأميركيين بأن شعبه سيتعاون مع قوات الأمن الأفغانية ويراقب الدخلاء، تراجعت حدة الهجمات في كوهاك إلى حد كبير. يقول: "لقد طلبت من الجميع في القرية إبلاغنا إن أتى أحدهم للزيارة وإلا سيوضعون قيد الاعتقال".  

فضلاً عن ذلك، تضم قرية ناغاهان الواقعة شمال كوهاك ميليشيا محلية مهمتها طرد متمردي "طالبان" لقاء وعود أميركية بتنمية القرية، والنقود في بعض الأحيان. يعقب النقيب ديفيد أهيرن من فرقة ألفا، الكتيبة الأولى، سرية المدرعات السادسة والستين: "نحن نرشوهم". بنتيجة الأمر، تدنت حدة العنف في ناغاهان أيضاً بشكل ملحوظ.

يشكل وادي أرغنداب، منطقة تجمع للمتمردين الذين يهاجمون مدينة قندهار من جهة الجنوب، اختباراً لاستراتيجية الغرب الحديثة في أفغانستان. شهد هذا الإقليم مولد حركة "طالبان" التي سيطرت على الوادي حتى الآونة الأخيرة، إذ وصل العدد الإضافي من الجنود الأميركيين إلى الوادي في وقت سابق من هذا العام. واليوم، بعد صيف حفل بأشد المعارك منذ عام 2001، يعج الإقليم بجنود أميركيين وأفغان، فضلاً عن سلسلة من القواعد العسكرية ونقاط التفتيش على طول الوادي. نشاط المتمردين بصدد الانحسار، بالرغم من اعتراف القادة العسكريين بأن ذلك قد يعكس الاضمحلال الاعتيادي لموسم القتال الأفغاني في سبتمبر.  

حسبما يتضح في قريتي كوهاك وناغاهان، قد يثمر تسيير القوات الأميركية والأفغانية الدوريات بانتظام، فضلاً عن عقد تفاهم مع شيوخ القرى المستعدين للتصدي لـ"طالبان"، لكن من الصعب إيجاد مثل هؤلاء القادة. ففي أماكن كثيرة، يمتنع السكان المحليون عن ذلك، وحتى إن لم يدعموا المتمردين، كما هي حال الكثيرين على ما يبدو، فقد يخشون التعاون مع قوى التحالف، ذلك لأن بعضهم ضُرب بينما أُعدم البعض الآخر على يد "طالبان". يقول باستهجان رئيس الرقباء أنطوني توماسيلو، من فرقة برافو المتمركزة على بعد كيلومترات قليلة فقط جنوب شرق كوهاك: "اعتقدنا في قرية بير بايمال أننا نحرز تقدماً، لكنهم تلقوا بعض التهديدات وها هم اليوم يشعرون بالخوف مجدداً".

يذكر أنه في بعض المناطق لم يعد من وجود لأي سكان لأن عناصر "طالبان" أخافوهم ما اضطرهم إلى الفرار. فما يتبقى عادةً مجموعة من المنازل المدمرة وحقل من الألغام والقنابل المبعثرة على الطرقات وفي الحقول بين القرى الخاوية. ذلك هو الكابوس بعينه بالنسبة إلى الجنود: فالبساتين والحقول مقسمة إلى أراض غاية في الصغر بواسطة قنوات الري حيث ما من وسيلة أخرى للتجول سوى بالسير على الأقدام، لمطاردة شبح عدو لا يظهر نفسه أبداً. ونظراً إلى خطر الألغام، قد يستغرق عبور كيلومتر واحد أربع ساعات.

مع ذلك، بالرغم من أن أحداً لم يُقتَل لحسن الحظ. وفي نهاية سبتمبر، اتخذت الأمور منحىً في غاية الخطورة يتلقى الجنود الأميركيون بعض الصفعات بالرغم من نجاح خطتهم مع بعض شيوخ القرى. فقد تعرضت فرقة برافو لعدد كبير من الإصابات بلغ 28 في غضون شهرين ما اضطُر الكتيبة الأولى إلى إطلاق عملية أخرى لتمشيط منطقة كان يُفترض السيطرة عليها منذ أشهر. في هذا الإطار، يقر الرقيب توماسيلو: "لم نحرز تقدماً كبيراً".

في المقابل، قد يتيح الشتاء المقبل الهادئ متنفساً. يعقب المقدم رودجر ليمونز، القائد المسؤول عن معظم الوادي: "أحتاج إلى قرية أو اثنتين مثل كوهاك في المجال العسكري لكل فرقة ليحصد الناس منافع السلام والتنمية، ويرغبون في الحصول عليها أيضاً". لكن يستحيل معرفة إن كان ذلك سيتحقق حتى الصيف المقبل عندما يتجدد القتال.

حتى ذلك الحين، يناضل الأميركيون بمفردهم من أجل إعادة بناء الهيكل القبلي المدمر في الوادي عبر حمل شيوخ القرى على التعاون مع إدارة الدولة وقوات الأمن العديمي الخبرة. يتطلب هذا الأمر جرأةً كبيرة على حد اعتراف قوى التحالف. لكن ما من شك في ظهور بوادر تشير إلى أن الحكومة المحلية ستنبعث من جديد، بالرغم من عدم توافر الكثير من الموظفين المدنيين المؤهلين والشجعان بما يكفي. في تلك الأثناء، على الأميركيين سد الثغرات بأنفسهم.

back to top